أنت هنا

قراءة كتاب الرواية والتراث ألف ليلة وليلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الرواية والتراث ألف ليلة وليلة

الرواية والتراث ألف ليلة وليلة

لقد قامت مجموعة من كتّاب الرواية العربية -لا سيما في الستينيات- بالعودة إلى التراث السردي العربي، في إطار حركة موسعة ثارت على تقاليد الكتابة الروائية التي أرساها كتّاب الرواية الرواد والجيل الذي تلاهم؛ فألفوا شكل الرواية الغربي مهيمناً على تجارب الكتابة باس

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 1
المقدمـــة
 
لقد قامت مجموعة من كتّاب الرواية العربية -لا سيما في الستينيات- بالعودة إلى التراث السردي العربي، في إطار حركة موسعة ثارت على تقاليد الكتابة الروائية التي أرساها كتّاب الرواية الرواد والجيل الذي تلاهم؛ فألفوا شكل الرواية الغربي مهيمناً على تجارب الكتابة باستثناء نادرٍ انشغل به بعض كتّاب الرواية الإحيائيين، ولم تقتصر العودة إلى التراث على ما استلهمته الرواية حسب، بل نجد امتداده في الشعر والمسرح والقصة القصيرة.
كان الاهتمام بكتاب "ألف ليلة وليلة" أبرز تلك الاستلهامات، وقد التُفت إليه في وقت مبكرٍ، أوائل القرن العشرين، ولا سيّما طه حسين وتوفيق الحكيم؛ اللذان كرسا غير قليلٍ من وقتيهما للإفادة من "ألف ليلة وليلة"، فكتبا روايتهما المشتركة "القصر المسحور". وكتب طه حسين رواية "أحلام شهرزاد"، وعطف الحكيم على روايته المشتركة آنفة الذكر بكتابة نص مسرحي بعنوان "شهرزاد". غير أن تلك العودة المبكرة إلى "ألف ليلة وليلة" لم تأتِ لتعبر عن تيارٍ عامٍ في الكتابة الروائية، وإنما غلبت الرؤية الإسقاطية على ما قاما به من التفاتٍ لهذا النص، وظل الشكل الأوروبي للرواية مهيمناً على أبرز أعمالهما الروائية، وهذا خلاف ما سنجده لدى روائيي الستينيات ومن تلاهم.
ومن نافلة القول إنَّ استلهام "ألف ليلة وليلة" لم يقتصر على الرواية حسب، وإنما كان في الشعر الحديث، كما نقع على ذلك في بعض قصائد بدر شاكر السياب كـ"مدينة السندباد"[1]، وصلاح عبد الصبور في "رحلة في الليل"[2]. وكذا الأمر في مجال المسرح، فنلمح ذلك في عمل سعد الله ونوس "الملك هو الملك"[3].
أما في القصة القصيرة، فمن أبرز المجموعات القصصية التي احتفت بألف ليلة وليلة: "حكايات للأمير حتى ينام"[4] ليحيى الطاهر عبدالله.
وارتباط ألف ليلة وليلة بالرواية العربية التجريبية هو مناط مباحث هذه الدراسة، فلقد تعمق الروائي الحديث في خصوصية ما يكتبه من سرد، فلم تعد الأشكال الغربية تلبي رغبات التعبير الروائي لديه. وأراد بعض الروائيين، كجمال الغيطاني مثلاً، أن يكتب نصاً روائياً مغايراً للنصوص العربية السائدة، فجاءت رواياته معبرةً عن انشغالٍ كبيرٍ بالسرود العربية القديمة، مثل: الخطط[5]، وكتاب التجليات[6].
ولقد تحولت النظرة إلى نص ألف ليلة وليلة بوصفه نصاً إباحياً قائماً على التسلية إلى استفادة عميقة من النهج الحكائي بنيةً ومضموناً، وأسهم في ذلك التحول تلك الكتابات النقدية التي تناولت ألف ليلة وليلة بالتحليل. وقد استهلت بكتاب سهير القلماوي -رائدة الدراسات حول ألف ليلة وليلة- الموسوم بالعنوان نفسه، وعبّد الوعي النقدي هذا الطريق للروائيين، شاحذاً مخيلاتهم بأفهامٍ جديدة حول نص ألف ليلة وليلة.
وعلى الرغم من جهد نجيب محفوظ المؤسس للفن الروائي العربي، فإنه لم يفد من السرود التراثية إلاّ متأخراً، وبتأثيرٍ من تيار الرواية المستلهم التراث، فكتب ضمن ما كتب "ليالي ألف ليلة" (1981)، وهي رواية تستحضر أجواء نص الليالي.
ولقد تفاوت وعي الروائيين العرب عامةً بألف ليلة وليلة، فعُبّر عنه تارةً وفق آليات تماثل أو تطابق، واستثمرت جماليات التجاور والاتساع النصيَّيْن تارة أخرى؛ مما جعل بعض الكتابات الروائية تراوح بين لغتيْن: تراثية ومعاصرة.
ومن أبرز ما تتوخى الدراسة تبيينه، درجات استلهام الروائيين لنص الليالي. فبعض الأعمال الروائية تخفي مرجعياتها، ولا يستدل على علاقاتها بنص الليالي عبر قراءة عابرة؛ لخلوها عنونةً ومتناً من أي إشارة مباشرة، مثل رواية "أبواب المدينة" لإلياس خوري -على سبيل المثال لا الحصر-، لكنّ القراءة المتفحصة تظهر عمق تأثير نص الليالي على بنيتها العامة. ويؤمل أن تبين الدراسة سُبل الاستلهامات النقيضة لنص الليالي، فثمة من استعمل بنياتٍ وظفت المحاكاة الساخرة، والتناقض والمفارقة في تشييد نص روائيٍّ يقلب دلالة الحكايات، ويحمّلها تعبيراتٍ وقضايا معاصرة، كرواية واسيني الأعرج "رمل الماية: فاجعة الليلة السابعة بعد الألف".

الصفحات