أنت هنا

قراءة كتاب الرواية والتراث ألف ليلة وليلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الرواية والتراث ألف ليلة وليلة

الرواية والتراث ألف ليلة وليلة

لقد قامت مجموعة من كتّاب الرواية العربية -لا سيما في الستينيات- بالعودة إلى التراث السردي العربي، في إطار حركة موسعة ثارت على تقاليد الكتابة الروائية التي أرساها كتّاب الرواية الرواد والجيل الذي تلاهم؛ فألفوا شكل الرواية الغربي مهيمناً على تجارب الكتابة باس

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 2
واسْتُثمِرَ نص الليالي كذلك في التنبيه إلى الجنسوية بمفهومها الحديث، وإعادة تعريف الذكورة والأنوثة، انطلاقاً من نص الليالي، بالاتكاء في ذلك على فرادة شخصيتي الحكاية الإطار: شهرزاد وشهريار، ولعل رواية مي التلمساني (دنيازاد) مثال على ذلك.
وقد التفت بعض الأعمال الروائية إلى الطابع العجائبي لبعض الحكايات في نص الليالي، فلاءمت بين أجوائها وأجواء الرواية العجائبية، كما نلمح ذلك في رواية نجيب محفوظ (ليالي ألف ليلة)، وتلاقح هذا الدأب مع تياراتٍ فكريةٍ حديثةٍ وقديمة، كالكتابة الصوفية والسريالية، مثل رواية: "رحلة ابن فطومة" (1983) لنجيب محفوظ.
وتبدو موضوعة الجنس المتكررة في نص الليالي حافزاً أساسياً في تشكيل حساسية جديدة للكتابة الروائية، فلقد أوغل بعض كتّاب الرواية في الاهتمام بوصف المشاهد الحسية، والتعويل على المكبوتات الجنسية محاكين في ذلك مركزية هذه الثيمة في نص الليالي.
ولأن نص الليالي، صالح لأن يُعدّ -بوصفه جنساً أدبياً-كتاباً جامعاً لحكايات شعبية، أو قصصٍ قصيرة، أو قصص طويلة -ليس بالمفهوم التكنيكي الغربي-، فإنّ الأعمال القصيّة التي استلهمته أفادت من طبيعة تداخل الأجناس الأدبية فيه، فوجد كلٌّ ضالته.
لم تحظَ ألف ليلة وليلة بدراسة شاملة تبين تأثيرها في الرواية العربية -فيما يعلم الباحث-، عدا دراسة تبين أثرها في أدب الأطفال[7]. ولقد تعددت الدراسات التي تناولت توظيف التراث في الرواية العربية، و من أبرزها: دراسة مراد عبد الرحمن مبروك بعنوان (العناصر التراثية في الرواية العربية في مصر)[8]، ودراسة صبري مسلم حمادي الموسومة بـ(أثر التراث الشعبي في الرواية العراقية الحديثة)[9]، ودراسة محمد رياض وتّار (توظيف التراث في الرواية العربية)[10]، ودراسة رفقة دودين (توظيف الموروث في الرواية الأردنية المعاصرة)[11]، ودراسة محسن جاسم الموسوي (ثارات شهرزاد: فن السرد العربي الحديث)[12].
وقد ركزت هذه الدراسات على توظيف التراث بشكل عام، فدراسة "وتار" تناولت توظيف الحكاية والسيرة الشعبية، وتوظيف التاريخ والنص الديني، والتراث الأدبي وتراث البيئة المحلية. وتناولت دراسة "مبروك" الشخصية التراثية، والنص واللغة والشكل التراثي. وتناول "حمادي" دراسة أساليب تعامل الروائي مع التراث الشعبي، وتأثير الشخصيات الأسطورية والخرافية والتاريخية في الرواية العراقية، ووظائف هذا الاستخدام. أما "دودين" فقد ركزت على أثر الموروث الديني في الرواية الأردنية والأجناس الأدبية، من مثل: المقامة، والسيرة الشعبية، والموروث الشعري والفكري السياسي والاجتماعي.
أما "الموسوي" فقد اتخذ من شهرزاد رمزاً للدلالة على أنّ الرواية تعد استمراراً لحكي شهرزاد، دارساً خصوصية الرواية العربية، مركِّزاً على التجريب والحداثة والسرد فيها.
وثمة مجموعة من الدراسات تطرقت إلى الروايات المدروسة في هذه الدراسة، فبعضها درسها بمعزل عن تأثير ألف ليلة وليلة من مثل: دراسة كمال أبو ديب لرواية هاني الراهب المعنونة بـ(ألف ليلة وليلتان: نحو منهج بنيوي في تحليل الرواية)[13]، وبعضها درس الرواية من جوانب متعددة أحدها علاقتها بألف ليلة وليلة مثل دراسة شاكر النابلسي (مذهب للسيف .. ومذهب للحب: رؤية نقدية جديدة لأدب نجيب محفوظ من خلال روايته الشاملة "ليالي ألف ليلة")[14]، وسيشار إلى باقي الدراسات في مواضع مختلفة في هذه الدراسة.
تقتضي طبيعة استلهام الروايات لألف ليلة وليلة أن يستوعب البحث غير منهج من مناهج الدرس الأدبي المعاصر، فالتلخيص وكشف الجو العام للرواية يقتضي منهجاً وصفياً، في حين تتطلب مناقشة العنوان والتناص وآليات السرد والحبكة والشخصية الروائية، الإفادة من الشكلانية. وتكون الإفادة من المنهجية التاريخية التحليلية مناسبة لمناقشة نسخ ألف ليلة وليلة وترجماتها ووصفها.
والإفادة من هذه المناهج تكون بمقدار ما يخدم البحث، دون ركون إلى تصور مسبق أو أحادي النظرة، يقحم تصورات نظرية لا تتلاءم مع الروايات.

الصفحات