قراءة كتاب التربية بالحوار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التربية بالحوار

التربية بالحوار

كتاب " التربية بالحوار " ، تأليف عبد الرحمن النحلاوي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مقدمة

يعدُّ الحوار في هذا العصر وسيلة للتفاهم بين الدول أو بين الشعوب عن طريق من يمثلهم، من أجل تضييق شقة الخلاف، وتقريب وجهات النظر المتضاربة أو المتباينة.

ولكن هذا الحوار الذي يجري بين الدول والشعوب، لا يستهدف إحقاق حق، ولا دفع مكروه عن صاحب حق، لوجه الحق، بل يستهدف تحقيق المصالح وإرضاء النّزوات وتقاسم المنافع المتبادلة، ولو أدّى ذلك إلى طمس الحق أو ظلم الـمُحِقّ، أو هضم الحقوق، وبهذا يختلف مفهوم الحوار السياسي عن مفهوم الحوار القرآني اختلافاً عميقاً كلّياً.

فالحوار القرآني موجّه من الله إلى عباده، ليتجاوبوا مع نداء ربهم، والله منزّه غني عن أي مصلحة أو منفعة...

إنه الحوار الرباني، به يخاطب الله عباده، يأمرهم وينهاهم ويهديهم ويرشدهم، وقد أراد الله لهم أسلوب الحوار ليشعرهم بمكانتهم عند ربهم، وليستخدموا نعمة العقل والتمييز بين الخير والشر، بين الحق والباطل، إذ يدعوهم إلى اعتناق الحق بعد أن يبيّنه لهم، ويحذّرهم من الشر والباطل، وقد أوضح لهم مغبّتهما ونتائجهما، كما يدعوهم إلى تصحيح مسارهم وسلوكهم في الحياة على ضوء ذلك، كل ذلك بأسلوب (حواري خطابيّ) رصين.

والحوار القرآني صادق حتميّ النتائج، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا يُخلف الله وعده {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 9/40] .

وقد نصر عباده المؤمنين بعد أن وَفَّوا بشرطه الذي اشترطه عليهم بهذا الأسلوب الحواري الخطابي العَطُوف المـتّزن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ *} [محمد: 47/7] .

ثم خاطبهم الله مبيناً لهم صدق وعده بحوار تذكيريّ رؤوف: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ *} [آل عمران: 3/123-124] .

وهكذا تنوّعت أشكال الحوار القرآني وأصنافه بتنوُّع مقاصده.. ليواكب الحاجات الفطرية الإنسانية، فكان منه الحوار الخطابي بأشكاله التسعة: من تذكيريّ وتعبُّديّ، وإيمانيّ (موجه إلى الذين آمنوا) وإنسانيّ، ونبويّ (موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم) و...ومنه الحوار البرهانيّ: يبرهن بالحجة والمنطق على المعطيات والأهداف الاعتقادية التي جاءت في القرآن لتحقيق سعادة الإنسان وإصلاح حياته ومجتمعه، ولإقامة علاقاته على أساس صحيح سليم متين.

الصفحات