أنت هنا

قراءة كتاب ثقافة مجتمع الشبكة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثقافة مجتمع الشبكة

ثقافة مجتمع الشبكة

كتاب " ثقافة مجتمع الشبكة " ، تأليف د. محمد أحمد صالح ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

تمهيد

لم ينته زمن الإنترنت

يذكر أنّه في عام 1920 في الولايات المتحدة، كانت هناك مقترحات جدية لإقفال باب الاختراع وعدم منح براءات اختراع جديدة! لأن كل ما يمكن اختراعه قد تم اختراعه، كما برر مسؤول مكتب براءات الاختراع آنذاك تشارلز ديول.

وفي عام 1909 استهزأ موظفو الجمارك البريطانيون بمقولة «احتمال تنقل المسافرين والبضائع عبر الجو»، وقالوا: يجب إهمال هذه «التخرصات» لأنها لو حدثت فإن معناها هو إغلاق مكاتب الجمارك وإقفال الدائرة برمتها! وحتى أمد قريب كان البعض من أكثر الناس ذكاءً وتخصصاً في علوم الجو يعتقدون أنه من المستحيل على الإنسان أن يسبر غور الفضاء، ومن هؤلاء عالم الجو البريطاني السير هارولد سبنسر الذي دحض «الأوهام» التي تحوم حول فكرة سفن الفضاء، وذلك في عام 1957. ومن سوء حظه أن السوفييت أطلقوا أول سفينة فضائية في التاريخ، سبوتنيك/1 بعد أسبوعين فقط من تصريحه الشهير وقتها!

وعندما فكرت شركة آي. بي. أم الأميركية الشهيرة المتخصصة في صناعة الحاسب بإنتاج كمبيوترات، وبيعها في الأسواق، أواخر الأربعينات من القرن الماضي، صرح مديرها آنذاك توماس واتسون، أنه لا يعتقد أن السوق يمكن أن يستوعب أكثر من خمسة حواسب على الأكثر. والآن كلنا نعلم أن بعض البيوت فيها هذا العدد من الأجهزة.

ومنذ عشر سنوات تقريباً، كان لا يمكن أن نتخيل الإنترنت عام 2003، والتي أصبحت اليوم طوفاناً من المعلومات بلا حدود، نتقاسمها مع أي شخص يستطيع الوصول إلى هناك، من خلال وسيط فريد في نوعه، ومع ذلك هناك من يقول: إن زمن الإنترنت انتهى!

لم ينته زمن الإنترنت، ولم يأفل نجمه بعد، رغم الخسائر التي لحقت بالعديد من شركات الإنترنت المسماة (دوت كومز) وتلاشي الثقة في شركات تكنولوجيا شبكة المعلومات الدولية.

هذا ما قاله عدد ممن تحدثوا في أثناء مؤتمر كبير في عقد في لندن أخيراً حول موضوع تأثيرات الإنترنت في المجتمع، وأفضل السبل لجعل هذه الأداة الجبارة تساهم في التغيير. وقد نظمت هذا المؤتمر جمعيات بحوث ودراسات بريطانية حاولت فتح النقاش من جديد، حول مدى تأثير الإنترنت في المجتمع، وكيف يمكن التحكم فيه، لجعله في خدمة البشرية. وتتكون هذه الجماعات من مؤسسة (ديموس) و (معهد الأبحاث حول السياسات العامة) و (منتدى المستقبل) و (مؤسسة العمل). ورغم أن حمى الإنترنت كانت قد اعترت في البداية رجال الأعمال وأسواق المال، فإن عدداً من المحاورين في أثناء المؤتمر أعربوا عن اقتناعهم بأن التأثير الأكبر سيكون في حياة الأشخاص، والمجتمع، وليس الأعمال والشركات. فهذه التقنية الرائعة المتمردة اندفعت في ثني عضلاتها، واستعراض قوتها! وأصبح السؤال الكبير الواضح في هذه الألفية الجديدة: ما مستقبل الإنترنت، وما خطوتها القادمة؟ وللإجابة عن هذا السؤال، اتفقت المجلة الأميريكية العلمية المشهورة باسم Discover ، منذ عدة أشهر مضت مع معهد ديزني العلمي Disney Institute في الولايات المتحدة الأمريكية، على تشكيل لجنة من المبدعين التقنيين، أثبتت التجربة، بأنّهم جيّدون جداً في توقّع المستقبل للإجابة عن هذا السؤال! ونوقشت في تلك اللجنة، نقاط متعددة عن الخطوة القادمة للإنترنت. وكان التساؤل الرئيسي في تلك الحوارات حول نوع العالم الجديد الذي ستخلقه الإنترنت؟ وهل ستقودنا الإنترنت فعلاً إلى عالم مترابط ومتشابك؟ وستنهار الحدود القومية بين دول العالم؟ وهل هناك إشكالات جديدة من الحدود سوف تظهر بين الكيانات والتجمعات الافتراضية، التي يندمج تحتها الناس من خلال تجاربهم وتفاعلهم على الشبكة؟

وكنا جميعاً في عالم ما قبل الإنترنت، عندما نهاتف أحداً بالهاتف، لا بد أن نكون على معرفة به، ونبحث عن رقمه للاتصال به! المدهش الآن أن الصداقات والاتصالات والروابط والكيانات الاجتماعية، تتشكل بطريقة آنية وعفوية على الإنترنت، قد تكون من خلال المشاركة في هواية، أو اهتمامات مهنية، أو معتقدات دينية! فهي جاهزة للتكوين في أي وقت، فهناك آلاف من الكيانات الاجتماعية في فضاء الإنترنت! وأنا يبهرني شخصياً الكيفية التي دمرت بها الإنترنت الجغرافية تماماً، فعندما كنت طفلاً، لم أكن أتخيل الكلام مع الناس في البلاد الأخرى، الآن ابني يلعب لعبة تفاعلية على الإنترنت، مع خصوم في فرنسة واليابان! والناس الآن يتواصلون عبر الإنترنت، على الرغم من اختلاف لغاتهم من خلال آليات الترجمة الإلكترونية الفورية! ومع ذلك نحن بدأنا الآن مع هذه الإنترنت، وهي تسرع، ونحن نلهث وراءها، فالموجة التكنولوجية القادمة من الإنترنت، تسمح للناس بالتواصل من دون خسارة وفقدان التفاصيل الدقيقة في الاتصال، سواء كان ذلك في تعبيرات الوجه مثل الحاجب المرفوع علامة على التعجب، أو الوفاء بتفاصيل المسرحية الكوميدية التي تشاهدها! فهناك أكثر من موجة قادمة في تكنولوجيات الإنترنت! على سبيل المثال يعمل العلماء الآن على أن تكون التكنولوجيا الرئيسية في الإنترنت هي الصوت والفيديو، بدلاً من النص المتكلم المنتشر الآن! فالفيديو هو المستقبل الحتمي للإنترنت، لكن يجب أن تبذل الجهود في أن يكون استخدام الفيديو في الإنترنت بسهولة استعمالات معالجات الكلمات المنتشرة الآن! فعلماء الفلك عندما يطالبون علماء تقنيات الإنترنت، أن يوفروا لهم إمكانية الدخول على المرصد الإلكتروني الموجود على قمة جبل موناكي Mauna Kea في هاواي، دون أن يضطروا إلى صعود 14000 قدم، يكون الحل، أن نوفر الفيديو عند أطراف أصابع الناس من خلال الإنترنت، فيمكن لعلماء الفلك حينذاك، وهم في معاملهم أن يدخلوا على صور وبيانات المرصد التي يرصدها وهو موضوع على قمة الجبل! ويتشاركوا بالصوت والصورة مع الفلكيين الآخرين، ويناقشوا دراساتهم، وأيضاً بإمكانهم أن يدخلوا على المراصد الفلكية المنتشرة في العالم، وهم جالسون في قاعة الدرس مع طلابهم! لكن المشكلة في كيفية وصول موجة إنترنت جديدة إلى المستخدم النهائي، لكن أحلام البشرية تتحقق عادة في وقتها المناسب. والشيء السحري في الإنترنت الآن، أن في إمكان شخص ما في أي بلد أن ينشر برنامجه المجاني على الإنترنت ذات مساء، وعند الصباح وبسبب ذلك البرنامج تتغير أنماط عمل وتجارة الكثير من الأفراد حول العالم!

الصفحات