أنت هنا

قراءة كتاب مغامرات في مدينة الموتى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مغامرات في مدينة الموتى

مغامرات في مدينة الموتى

رواية " مغامرات في مدينة الموتى " ، تأليف إبراهيم فرغلي ، والتي صدرت عن منشورات الضفاف للنشر

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 3

كان ينظر إليها شاردًا كعادته، ثم يعبث في محتويات حقيبته قليلاً، ثم يخبرها بخجل أنه نسي كتاب العلوم، أو أنه نسي دفتر الواجبات المنـزلية الخاص باللغة العربية، أو أقلامه، أو دفتر التدريبات، أو كراسة التجارب العلمية، أو شهادة الدرجات الممهورة بتوقيع أحد الوالدين، وغيرها وغيرها.

وكلما أجاب على مدام جورجيت بهذه الإجابات تنفجر ضحكات الأولاد والفتيات في الفصل، وهم يضعون أيديهم على أفواههم، ويحاولون أن يكتموا الضحكات التي تنفلت منهم.

اقترحت مدام جورجيت أن يكتب في دفتر صغير ما يجب عليه أن يفعل؛ حتى يتذكر الواجبات المدرسية والكُتب والكُرّاسات.

شادي أعجبته الفكرة واستجاب فعلاً لنصيحة المدام، لكن في صباح اليوم التالي فاجأني مرة أخرى بأنه يواجه مشكلة جديدة، تسببت في المزيد من تعقد الأمور. كان قد اشترى دفترًا صغيرًا ليسجل فيه الواجبات، ولكي يدون أيضًا قائمة بالأغراض أو الأدوات المدرسية التي يجب أن يُحضرها معه إلى المدرسة، لكن المشكلة في هذه المرة أنه لم يجد الدفتر نفسه، ولا يتذكر أين وضعه!

قال لي بارتباك: لا أعرف يا عالية أين وضعت الدفتر، بحثت عنه في كل مكان في غرفتي وفي البيت، لكن لم أجده!

مدام جورجيت نفخت بغيظ عندما أخبرها أنه نسي المكان الذي وضع فيه الدفتر، وطرقت الأرض بقدميها مرتين، ثم تماسكت وحاولت أن تبدو هادئة.

فكرت قليلاً ثم اقترحت عليه فكرة أخرى، قالت له إنه إذا أراد أن يتجنب نسيانه المستمر؛ فيمكنه أن يربط إحدى أصابع يديه بخيط صغير ليتذكر به الواجب المدرسي مثلاً، وإذا أراد أن يتذكر شيئًا آخر فيضع في إصبعه خيطًا ثانيًا، وهكذا..

أذكر أنه جاءني في اليوم التالي، وقال لي وهو حزين:

- تخيلي يا عالية، وجدت صباح اليوم أن إصبعي مربوط عليها خيطان، وهتفت فرحًا بأنني اليوم سوف أتذكر ما عليَّ من واجبات، لكني عندما حاولتُ أن أتذكر ما هما لم أنجح أبدًا!

والحقيقة أن هذه المأساة لم تتوقف أبدًا، فقد كان شادي يفاجئني كل يوم بمفاجأة جديدة. على سبيل المثال، في اليوم التالي قال لي إنه نسي حقيبة المدرسة بكل ما فيها. ضحكت لأني كنت أظنه يمزح معي، لكنه لم يضحك وابتسم ابتسامة مرتبكة، ثم قال: أنا لا أمزح فعلاً، يبدو أنني أضعت الحقيبة في الطريق إلى المدرسة، عندما توقفت في الطريق لأطارد مجموعة من الفراشات، ولكني نسيت أين وضعت الحقيبة!

كنت قد اتفقت معه أن نأتي إلى المدرسة مبكرًا كل يوم؛ لنراجع معًا الواجبات والكتب والدفاتر وأدوات الدراسة، بحيث إذا لاحظنا أنه نسي شيئًا يكون لدينا متسع من الوقت، لنذهب معًا إلى منـزلهم لكي يحضر ما نسيه. لكن عندما أخبرني عن نسيان حقيبته شعرت بالضيق، وقلت لنفسي إنه بالتأكيد مريض.

فكرت بأنه لو كان هناك فعلاً مرض اسمه "النسيان"، فيجب في هذه الحالة على شادي أن يذهب إلى طبيب متخصص في علاج "النسيان".

ابتسمت له وأنا أقول:

- لقد تأخرت عليك اليوم يا شادي، ويبدو أننا لن نتمكن من الذهاب إلى بيتك لنحضر الحقيبة ونعود قبل بدء الحصة الأولى.

نظر لي بارتباك، ثم قال:

- وما العمل الآن؟ لا أعتقد أن مدام جورجيت يمكن أن تسامحني هذه المرة.. أليس كذلك؟

الصفحات