You are here

قراءة كتاب صمت يتمدد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صمت يتمدد

صمت يتمدد

كتاب " صمت يتمدد " ، تأليف سليمان الشطي ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

الصمت الحيادي من جانبي يشجع يحيى على الاستمرار· يسرد ما آلت إليه خبرته بعد سنوات طويلة وهو في الواجهة السياسية التي لا أعرفها ولا أحبها· في القمم تخفى الآثام، تنار المحاسن· سنوات السلطة تشكل الصلصال البشري، تجمد العروق، تنسي إيقاع النبض الرقيق· ولكن هناك لحظات تتطاير فيها الملابس الأنيقة فتنكشف العورات··· كلنا يخاف هذه اللحظة· ألا ترى أنه لا أحد يريد أن يغادر القمة؟

يقلب يحيى كأسه وينظر كأنه يبحث عن شيء في قاعه:

- أريد أن أتحرر، مجرد أن نخرج من حدودنا نصبح جد متحضرين، وسهلين لينين، لماذا نحن عصيون على التعلم؟· نقفل كل الأبواب ثم نشكو؟· الأمر يحتاج إلى حنكة· إن العيون المريضة عندنا حادة تنفذ من كل الخروم الضيقة، والشك المريض أصل ثابت، والوشاية داء مرغوب فيه، واليد المصافحة هي أخف يد تحفر تحت قدميك ببطء وإصرار لتصلك إلى وهج سقر، فنحن مقيدون طلقاء، لذا لابد لنا من حلقات أخرى تصل بنا إلى···

وجهه يتشكل خطوطا خاصة لم أعرفها فيه سابقا، عيونه سكنت كأنها تنظر إلى شيء تحاول أن تعثر على بداية له، خرج صوت:

- الكرسي صعب وناعم··

نقل اهتمامه إلي فاستدار بكامل وجهه، لا تزال تعليقاته وأسئلته تباغتني:

- أتمنى لو أكون معك هنا·· لقد تعبنا·· الشمس في بلادنا كل يوم· تعرف··

رن الجرس، اندفع قبلي، سرت وراءه، أتوقف في منتصف الشقة· استقبلا بعضهما برقة، احتضان غير عنيف، ارتخاء· يبدوان متسقين في وضعهما· يده تنزلق من كتفها إلى يدها، يقودها إلى وسط الصالة، تلتفت نحوي بعيون غير مستقرة، كأنها تنبش الذاكرة أهلا·· صالح··

الناس يتغيرون، كلاهما ليس الذي أعرفه، الجروح تنفتح وتتكاثر مع الأيام، تذكرت لحظة اشتاق فيها يحيى إلى عرق خاص، كس أخت كل خمور الدينا، هذه الطاسة لا يخترق مخزونها إلا هذا الأبيض الساحر، يريك خيالات لاحصر لها· وهذا البياض وربت على فخذ البنت التي بجانبه هذا البياض خريطة اخرى

في هذه المره كان يحيى مختلفا في ابتهاجه· وضعتُ كأسا أمامها· هل سينهضان إلى الغرفة التي أعددتها له· كيف سيبدوان عندما يتعريان، كيف سيرى كل واحد منهما الآخر، رغداء لم تعد كما رأيتها في المرة الأولى، كتل لحم غير متناسقة، ترهل· بدت دلال في اللقاء الأخير أقصر، شحم قليل· سميرة لم تتغير، هل لأنني أرها دائما، لم أفكر من قبل··

استأذنت بالخروج، اعترض يحيى وصممت· فضول النظرة الأخيرة، من الشارع، شبح أحدهما يتحرك، رأيت نور الغرفة يتضاءل وراء الشتر وهو يهبط··

في المقهى زخات المطر من وراء الزجاج·· زبد الكبتشينو يتشكل، يطفو ولا يترسب، لا يقول شيئا، لغته مختلفة، هل يمكن أن تقرأ الحظوظ في البقايا· لماذا لم نكتشف الكبتشينو، نحن أول من عرف القهوة، ونرضع الأثداء فيتقاطر الحليب من الأشداق· لا يزعجني الجلوس دون نظر· ولكن إلى متى؟· إلى أين وصل يحيى؟·

خاطرة مرت فأوقفتها وتفكرت فيها، الفندق الصغير بلافتته الصفراء لماذا لا أقضي فيه هذه الليلة· قريب من الشقة وأترك الليلة لهما·

احتج يحيى على اقتراحي ثم رضخ، ختمت المكالمة، وصل إليّ تلعثمه وهو يقول ممنون لك، إحنا كلفنا عليك

زخات المطر مستمرة، بقايا الكبتشينو·· العاشرة والنصف· قبل أن أدخل الفندق رفعت رأسي ملتفتا، أنوار الشقة مطفأة·

الحاجز الخشبي بيننا، ابتسم الشاب اللبناني نعيم موظف الاستقبال، يعرفني، ينظر إلى الباب، اعتاد على اصطحابي لبعض الوافدين الذين أقوم بالحجز لهم· قال: ليلة واحدة، باسم من؟· أخرجت بطاقتي: لي؟· ينظر إلي مبتسما، يقلب السجل أهلا·· مع الأسف ليس عندي الآن غرف تطل على الشارع·

- ليس مهما·· تعرف· أنا حافظ صم منظر الشارع··

- ليس معك حقيبة··

- ليلة واحدة·

- الغرفة 17

Pages