أنت هنا

قراءة كتاب فضاء الكون الشعري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فضاء الكون الشعري

فضاء الكون الشعري

حديث الشعر هو الحديث الأكثر حيوية ونشاطاً وغبطة وحلاوة ولذّة وجنوناً وإثارة وانفتاحاً وتشظيّاً وسحراً وغموضاً، في أيّ زمان ومكان وحدث ومصير وأفق وجهة، وحين يتخصّص الحديث ضمن تجربة نوعية خاصة لها تاريخها ضمن النشاط السيرذاتي فإن الأمور تأخذ حساسيتها على نحو

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
من حديث المقدّمات
 
حديث الشعر هو الحديث الأكثر حيوية ونشاطاً وغبطة وحلاوة ولذّة وجنوناً وإثارة وانفتاحاً وتشظيّاً وسحراً وغموضاً، في أيّ زمان ومكان وحدث ومصير وأفق وجهة، وحين يتخصّص الحديث ضمن تجربة نوعية خاصة لها تاريخها ضمن النشاط السيرذاتي فإن الأمور تأخذ حساسيتها على نحو أكبر وأكثر ثراءً وخصباً وبهاءً، ويأخذ حديثنا الموسوم بـ ((من حديث المقدمات)) مساراً نقدياً سيرذاتياً خاصّاً في عموميته وعاماً في خصوصيته، له تاريخه وفضاؤة وجغرافيته وحكايته ورؤيته للأشياء وموقفه من العالم أيضاً.
 
حدث صيف عام 1982 حيث التحقتُ بالخدمة العسكرية في مدرسة ضباط صف المشاة في الموصل، أن يأتي إلى مهجع الجنود المتدربين الشاعر عبد الجبار الجبوري وقد كان نائب عريف مهذّباً في المدرسة ويسأل عني، وقد نشرت حتى ذلك الوقت الكثير من الموضوعات الأدبية والقصائد الشعرية في (جريدة الحدباء) الموصلّية و(مجلة الجامعة) التي كانت تصدرها جامعة الموصل، وإذ تعرّفت إليه هناك فقد عرّفني بالمناخ الأدبي والثقافي في المدينة وحرّضني على التواصل وحضور الأمسيات الأدبية الأسبوعية، التي كانت تقام في مقر دور الثقافة الجماهيرية كما كانت تسمّى على ما أتذكّر في بناية المتحف، وهو مكان مركزي جميل وسط مدينة الموصل يقع في (شارع المتحف) أو (شارع الجمهورية) الموازي لـ (شارع حلب) الشهير، ويقود على بعد أمتار قليلة إلى أحد جسور الموصل الشهيرة الموسوم بـ ((جسر الحريّة)) العابر نحو الجانب الأيمن من المدينة.
 
وفعلاً دوامت على حضور هذه الأمسيات وتعرّفت إلى الكثير من أدباء المدينة بأجيالهم المختلفة، ولكن في حدود ضيّقة ـ أول الأمر ـ تناسب خجلي وريفيتي وعدم رغبتي ـ أو ربما خوفي ـ بالظهور اللافت، ومن بين من تعرفت إليهم بوساطة عبد الجبار الجبوري الشاعر محمد مردان، وكان وقتها مديراً لأحد أقسام مديرية شرطة نينوى، ويحمل إجازة في القانون، يكتب الشعر ويترجم عن التركمانية، دمث ومتواضع ومحب وحسّاس وكريم لا يُجارى في أكثر هذه الصفات.
 
مكتبه في مديرية الشرطة كان صالوناً أدبياً للكثير من أدباء المدينة، وكان لي ولبعض من زملائي ملاذاً نتواجد فيه بشكل شبه يومي منذ ذلك الوقت، وحتى إحالة صديقنا مردان على التقاعد من الشرطة، حيث افتتح مكتباً للمحاماة وما لبث أن تحوّل المكتب إلى صالون بديل عن الصالون الذي فقدناه في مديرية الشرطة، لكن تواجدنا كان في المساء عادة حيث يكون هو قد أنهى عمله مع مراجعيه في المكتب.

الصفحات