أنت هنا

قراءة كتاب فضاء الكون الشعري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فضاء الكون الشعري

فضاء الكون الشعري

حديث الشعر هو الحديث الأكثر حيوية ونشاطاً وغبطة وحلاوة ولذّة وجنوناً وإثارة وانفتاحاً وتشظيّاً وسحراً وغموضاً، في أيّ زمان ومكان وحدث ومصير وأفق وجهة، وحين يتخصّص الحديث ضمن تجربة نوعية خاصة لها تاريخها ضمن النشاط السيرذاتي فإن الأمور تأخذ حساسيتها على نحو

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
المهم أن أمور تشكيل المربع الذهبي كانت على وشك الإنجاز قبل أن يدخل المطعم صديقنا القاص سمير إسماعيل، وهنا انبرى القاص ثامر معيوف المعروف بقفشاته ومقالبه ليحوّل المربع الذهبي فجأة إلى ((مخمّس ماسي)) يضمّ إلى مربعنا السابق سمير إسماعيل، وحين شاركنا الجلسة أصبح واحداً من خمسة أدباء من أدباء المدينة يشكّلون تجمعاً أدبياً جديداً هو المخمّس الماسي، وحيث لم يجد سمير من مكافأة يقدّمها لنا على انتخابنا إياه شريكاً لنا في هذا التجمّع سوى أن يتكفّل بدفع حسابنا جميعاً، وهو الأمر الذي خطّط له ـ طبعاً ـ ثامر معيوف بخبث طريف، فقد بادر إلى ذلك بقوّة وحماس لقي منا طبعا الرضا الكامل، ولم يلبث هذا المخمّس الماسي أن عاد إلى مربعه الذهبي السابق بمجرد أن دفع سمير الحساب حيث انتهت مهمته وغادر المطعم.
 
يمكنني أن أصف صديقي الشاعر محمد مردان بالشاعر الخجول في حياته وشعره، فهو كائن إنساني عالي الدماثة والخلق والهدوء والرحابة والعمق، ينطوي على عبث داخلي وانتظام خارجي ولعل ذلك قادم من مهنة الشرطة وتخصص القانون، فعبثه الداخلي أشبه بالموج الهادر الذي يتجلّى في عينيه، لكنّ انتظامه الخارجي على الدوام يحدّ من ثورة الداخل ـ وربما يكبتها ـ ولا يوفّر لها سوى حرية الحركة المتموجة في الأعماق.
 
ويمكنني في السياق ذاته أيضاً أن أصفه بالشاعر العاشق، فقضية الحب عنده هي قضية انتماء وشعور وحياة وشعر، لا يتعامل مع مفهوم الحبّ وسلوكه وتجلياته إلا بمنظوره الصوفي الذي يتجانس على نحو ما مع المنظور الإيروسي، وهو ما يتجسّد في شعره على نحو واضح وعميق وغزير، فشعرة مضمّخ بتجربة الحبّ ومتشبّع بدواله وصوره وإيقاعه وحكاياته وأساطيره ورموزه وإشاراته وعلاماته، بحيث تبرز بوصفها قضية مركزية لا يمكن فهم تجربته من دون مقاربتها وفحص كينونتها وحضورها في شعره.
 
تكاد تكون شخصية محمد مردان الشعرية والإنسانية واحدة، داخل كيان واحد ووجود واحد، إذ ثمة تماهٍ منقطع النظير بينهما، فهو شاعر في إنسانيته وإنسان في شاعريته، وتنفتح هذه الشخصية المزدوجة على قدر كبير من هدوء وعمق وأناقة الشاعر، فضلاً على صوفية الشكل والشخصية من حيث جوانبها كافة.
 
يضطلع الآن بعمل موسوعي مهم، بل في غاية الأهمية، يتمثّل هذا العمل المهم في إنجاز موسوعة التراث الشعبي التركماني، وهو من المشروعات الكبرى التي يمكن أن تحقق له حضوراً إبداعياً يوازي إبداعه الشعري، لما ينطوي عليه من فرادة وقيمة تاريخية وثقافية وفنية وأدبية، يحفظ فيه ثقافة شعب زاوج في تكوينه الموروث ـ شعبي بين قوميته التركمانية وانتمائه العراقي إلى أرض العراق، وقد شكّلت فسيفساء خلاّقة خصّبت التاريخ العراقي والثقافة العراقية بهذا التنوّع المدهش والتعدد الجمالي الخلاّب.

الصفحات