أنت هنا

قراءة كتاب فضاء الكون الشعري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فضاء الكون الشعري

فضاء الكون الشعري

حديث الشعر هو الحديث الأكثر حيوية ونشاطاً وغبطة وحلاوة ولذّة وجنوناً وإثارة وانفتاحاً وتشظيّاً وسحراً وغموضاً، في أيّ زمان ومكان وحدث ومصير وأفق وجهة، وحين يتخصّص الحديث ضمن تجربة نوعية خاصة لها تاريخها ضمن النشاط السيرذاتي فإن الأمور تأخذ حساسيتها على نحو

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
ــ المفهوم الشعري للرؤيا:
 
تعمل الرؤيا في نطاق فن الشعر أكثر وأوسع وأعمق من عملها في الفنون الأخرى، وذلك لأن فن الشعر بطبيعة تكوينه وبنائه وخصائصه الفنية والتشكيلية والإيقاعية يستجيب نوعياً لحساسية هذا المفهوم، ويرتقي في حلقات التكوين الشعري إلى أعلى المستويات التعبيرية والرمزية والأدائية.
 
يسعى الشاعر دائماً إلى استغلال كل ما هو متاح من الإمكانات المتعلقة بالرؤيا، في مركزها وما يحيط بها وفي ظلالها أيضاً، من أجل الارتفاع بنصّه الشعري إلى الإبداع المتميّز، فـ ((الشاعر قد يكوّن الرؤيا عن طريق توظيف الإمكانات المتاحة كافة، من كلمة وتركيب وصورة وأسطورة ورمز وإيقاع، بمعنى أن القصيدة تسعى إلى بناء عالم يتّجه مباشرة إلى الرؤيا، وفي هذه الحالة تعلن الرؤيا عن نفسها، ويمكن أن تسمّى القصيدة التي تبنى هلى هذا النوع قصيدة الرؤيا))(7).
 
وتمثل هذه القصيدة التي توصف بأنها ((قصيدة الرؤيا)) نوعاً شعرياً عالي المستوى في اشتغال القصيدة على مجمل التقانات والإمكانات الفنية والتشكيلية والتعبيرية، وصولاً إلى ضخّها بأكبر قدر ممكن من الطاقة التعبيرية والرمزية والأسطورية، وهي تجعل من القصيدة صورة كثيفة وعميقة وزاخرة بتجربة الإنسان في الوجود وموقفه من الحياة والأشياء، على النحو الذي تكون في القصيدة صورة منتخبة ومتعالية من صور الكون، ومعبّرة عن حقيقة التفكّر الإنساني في الطبيعة والموقف من العالم.
 
وإذا ما توغلنا عميقاً في فحص العناصر الشعرية التي تسهم في تمتين الرؤيا وتشغيلها، فإننا سنجد أنها تتحرّك على التجربة في أكثر من مستوى، إذ ((تشترك عناصر عديدة في تمتين قوّة الرؤيا ووضوحها إلى جانب وعي الواقع:
 
ـ التجربة الحياتية: وهي تفيد الشاعر في الإحاطة بالواقع وفهمه فهماً دقيقاً.
 
ـ التجربة الشعرية: وهي تمكّن الشاعر من صياغة الرؤيا بشكل فنّي جيد.
 
ـ الحدس الموضوعي والقدرة على النفاذ إلى جوهر أشياء الواقع.))(8).
 
فعلاقة التجربة الحياتية في منظورها الواقعي، بالتجربة الشعرية في منظورها التخييلي، بالحسّ الموضوعي المرتبط بالحال المرتهنة بعلاقة التجربتين، هو الذي يخلق حالة من التكامل والتوافق والتماسك النصّي في النص الشعري.

الصفحات