أنت هنا

قراءة كتاب ثغرات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثغرات

ثغرات

كتاب "ثغرات" للكاتب اسماعيل الناشف، الصادر عن دار "راية للنشر" في حيفا، هو تجميع أعمال قصصية كتبها المؤلف في التسعينيات وتقدّمها الدار للقرّاء عملاً جديدًا متكاملاً لأحد أكثر الأسماء إشكاليةً على الصعيد الأدبي والأكاديمي في فلسطين، إسماعيل ناشف ابن النكسة م

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
تبعثُر دودة
 
ثمّ بدأت الأشياء تأخذ مجرى آخر. يكاد يكون متوقّعًا، لكنه لم يكن. متوهّجًا كان. ك ن. ن ك. أ. دوائر. بدأت تمشي. تخبط في محيط. أخرج عن خطّ الدائرة أم أبقى؟ لكنّي، والحق لا يُقال هنا، خرجت. بلى، حقًّا. خرجت دون أن أتعدّى الخطّ الدائريّ الملتفّ حول الأعناق المشرئبّة. أو غير قائم. تيّار الوعي. عاطفة. عاصفة متقلّبة، لا تمتّ إلي بِصِلَة. بَصَلَة. أبصال. هم أبطال. مرّت ثوانٍ مؤلمة. ما زلت لا أكون، أنا في الحقيقة ما كنت في رمشة فتاة، للحظة. أو أقلّ. تتجمّع. في هفوة، كلّ الصراعات لترقص حول، على، فوق، تحت جثّتي. الرأس مليء بدودة، تعاني من الوحدة. الدودة تكون. سروًا. يدور الحديث بين الوحدة والدودة، حوار حارّ. حامي الوطيس. لكن دورة الحديث بين الجالسين والجالسات لم تقبل أن تكون دائرة فاستطالت. عندما قدّمت الدودة العشاء كانت الدورة في مربعيّة. ألغاز. بلى. ألغاز.ثمّ ماذا؟ لا شيء. اللا شيء مُشيَّأ بحكايا جدّتي الرزينة. أمّا حكاية الدودة فكانت. يحكى، والعلم عند الذي لا علم إلاّ عنده، أنّ مملكة الدود ازدهرت في القرن السادس قبل ميلاد المسيح بن مريم. تقول الرواية إنّ حدود المملكة من الشمال كانت صحراء العرب، حيث نشطت التجارة بينهم وتبادلوا النساء والنوق. ومن الدلائل القائمة إلى يومنا هذا أنّ العرب يجيدون لغة الشعر وهو لغة الدود. تمتاز لغة الدود بنغمتها الخاصّة على العكس من الزواحف الأخرى. الدودة طوّرت نغمتها من خلال دمج اللغات الأخرى. هذه النغمة هي الوحدة أو العنصر الأساسيّ في اللغة. نستنتج من هذا أنّ لغة الدود كانت جدَّ بسيطة. من جهة أخرى، هناك آثار وُجدت في قاع المحيط الهنديّ، وبعضها وُجد في الخليج العربيّ يمكن أن تدحض هذه النتيجة من أساسها. تشير هذه الآثار إلى وجود حضارة عَلمانيّة متطوّرة. السؤال الذي يطرح نفسه، وبشدة: هل هناك إمكانيّة لوجود حضاريّ بدون وسيلة اتّصال متطوّرة ومركبة؟ وكما جرت العادة، في المعضلات، اختلف الباحثون والباحثات حول هذه المسألة. من الصعب الوصول إلى نتيجة محدّدة ونهائيّة. لكن علماء الحضارات، على اختلاف انتماءاتهم الإيديولوجيّة، متّفقون على وجود هذه الحضارة الدوديّة، مكان تطوّرها، وشبه متفقين على زمنها التاريخيّ.
 
تأثّرت الحضارات الإنسانيّة اللاحقة بهذه الحضارة كثيرًا، حتّى إنّ بعض المجموعات البشريّة اتّخذت من الدودة إلهًا. في أحد كهوف ساحل المتوسّط الشماليّ، ما يُسمّى فرنسا اليوم، اُكتُشِف تمثال برونزيّ على شكل دودة. بمساعدة أدوات تكنولوجيّة متطوّرة جرى تحديد عمر التمثال. قرابة ثمانية آلاف سنة. من المهمّ ذكره هنا أنّ الفئة السياسيّة الحاكمة آنذاك، لم تَرَ أنّ من مصلحتها نشر خبر الاكتشاف، فأخفته في إحدى القواعد العسكريّة السرّيّة. هذا السلوك ميّز عدّة فئات حاكمة في شتّى أنحاء حوض المتوسّط. إلى يومنا هذا، يُعتقد أنّ هنالك بعض الآثار المخفاة لأنّ الحكّام يخافون من أنّ نشرها سيؤدّي حتمًا إلى قلاقل جِدّيّة في سلطانهم.

الصفحات