أنت هنا

قراءة كتاب ثغرات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثغرات

ثغرات

كتاب "ثغرات" للكاتب اسماعيل الناشف، الصادر عن دار "راية للنشر" في حيفا، هو تجميع أعمال قصصية كتبها المؤلف في التسعينيات وتقدّمها الدار للقرّاء عملاً جديدًا متكاملاً لأحد أكثر الأسماء إشكاليةً على الصعيد الأدبي والأكاديمي في فلسطين، إسماعيل ناشف ابن النكسة م

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
حكاية دودة. كنت. حكاية. إنسان. بلى، كنت حكاية إنسان. في السابع من أعوامي.ثمّ بدأت الأشياء تأخذ مجرى آخر. قال قائل: اجلس. قف. كُل. تكلّم. صَهٍ. تصهصهت. أمّا الأخرى، فقالت: الطقس بارد، تعال لأدفئك. لم أتردّد. فرحت للدفء. احترقت يداي. أطلب الدفء منها فتتمنّع.
 
- أرجوكِ، تعالَيْ. أنا بحاجة إلى لهيب حارّ... أكاد أموت بردًا. رجوتها.
 
- مُتْ يا عزيزي لأتلذّذ.
 
- ألا يهمّكِ مصيري؟!
 
قالت: كلاّ. مُتْ متى تشاء أو عش كما تشاء. أنا سلطانة البرّ والحرّ. إلهة... لا أزول.
 
عند المغيب الثاني لأمر الوقوف الأوّل، قالت له: اصطكّت رجلاي، لا قدرة لي على الاستمرار. تأوّهَ. اتّكأ. مال. بال. خاط. نصّ.ثمّ تدحرج منتصبًا. بدأ يمشي حاملاً فنجان القهوة، بين السبّابة والإبهام.
 
بدا كأنّه يفكّر في نصّ ما، خارج النصّ. أنا. غاط. غاظ. غام. قام. نام. عام. رام. سام. حام. قرأ بصوت جهوريّ: ركبت الريح، مشيت على الماء وشربت الصخر...!
 
من فمي، دخلت إلى أحشائي. بقيت هناك. نام. خرجت. مادّة لزجة تُثقل من خطواتي. باب. لا أصل إلى مفتاحه. عبرته بسهولة، من الحيّز السفليّ. يا ما ألذّ نقاء الهواء! الحرّيّة. أنغام الموسيقى. هرولت. بطيئًا ألتوي حتّى أتقدّم. أتقدّم ملتويًا إلى الوراء. كانت الأعشاب تحيط بي من كلّ الاتجاهات. أمّا الورد فكان عاليًا، لا أصِلُ حتّى أسفله. كم تمنّيت لو أنّي أطوَل بعض الشيء لتعبق في أنفي رائحته الذكيّة. من هنا، أتتني بعض العبرات المعدودة، لكنّها لم تشفِ غليلي. حزمت نفسي لأتسلّق الورد. اقتربت من الأولى، كانت تحاور عشيقها قائلة: انظر ما أطوَلَ هذه الدودة! يا إلهي!
 
فهمت لغة الورد منذ نعومة أظافري، لكن الورد لم ينتبه إلى ذلك ولم أخبره. نظرت حولي فلم أجد الدودة الطويلة. غريب أمر هذه الوردة! سأتسلّقها للعبير، ولعلّي أرى عجيبة الورد. أتسلّق ببطء دائريّ. ألتصق حتّى لا أقع عائدًا إلى الواقع. ها قد وصلت. لم أكد أشمّ رحيقًا واحدًا حتّى أتاني ساعلاً من داخل غرفة نومه المقدّسة. قفزت واقفًا على رجليَّ. ركضت مقطوع الأنفاس. سكّين خلفي، نار أمامي. عودة إلى شكل ما. رجوع متقهقر إلى قوقعة أولى. سجن من حراشف إنسانيّة. عندما تهبّ عواصف الغروب وترعد غيوم وفجأة جبل بركانيّ يُخرج حممه، أنحني فأصل القاع. أنتصب عند بزوغ الشمس وخروج عصافير الشدو من أوكارها. أمّا وكري أنا، فقد كان شفّافًا. شفاني سائل لم أدرِ كنهه. سألتها: هل صنعتِ السائل، أم إنّك اشتريتِهِ؟

الصفحات