أنت هنا

قراءة كتاب أرجوحة تعلو... وتعلو

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أرجوحة تعلو... وتعلو

أرجوحة تعلو... وتعلو

رواية "أرجوحة تعلو... وتعلو "، تبدأ الكاتبة في مقدمتها قائلة: هل الكتابة هي النص ؟هل هي المكتوب منه أو المسكوت عنه؟هل هي الأطر؟ أم أنها الهوامش؟ أم أنها التخوم ؟ أم أنها النصوص السابقة؟ أم أنها النصوص المتقاطعة؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
وفي أيام العيد تزداد بهجة روعة وهي تقضي أيامه بصحبة بثينة، فلا تفلت يدها من يد أختها وهما ذاهبتان إلى السينما، لحضور فيلم في الصباح وآخر بعد الظهر، وبين وقت عرض الفيلمين تتناولان سندويشات الفلافل والبوظة· تشعر روعة بالمغص وتحتمل الألم حتى لا تفسد على أختها فرحتها بالعيد وبها· فبثينة وصديقاتها مسرورات، يضحكن بسبب ودون سبب، فالفتيان يلاحقونهن ويطلقون عبارات الإعجاب من بعيد· إنه العيد؛ وفي العيد تتحقَّق الفرصة الوحيدة للحرية، ويطغى الفرح بملابس العيد التي قضت الوالدة حياة أسابيع في خياطتها من بقايا مشغل والدها الذي يختص بخياطة القمصان· كانت الوالدة حياة تضفي في تطريزها لمسات جمالية على حواف القماشة، فتجعل من قطعة القماش غير المناسبة لوحة فنية فاتنة، فروعة تنظر إليها وهي تطرز لها فستانها، فتمتلئ بالفتنة والفخر والإعجاب من مهارة والدتها، فتسألها من أين تعلمت كل هذه المهارة والأناقة في التطريز، فتجيبها بأنها قضت فترة شبابها في بيروت مع أخوالها وتعلمت هذا الفن الراقي· 
 
ظلّت بثينة متيقنة من أن روعة ستحصل على المركز الأول في المدرسة، ليس في شعبتها فحسب، وإنما في كل الشعب· وتحققت توقعاتها وأمنياتها في نهاية العام، فها هي روعة تريها الجوائز التي حصلت عليها في نهاية السنة الدراسية، مكافأة على مثابرتها واجتهادها وتفوقها· لم تكن الجوائز أكثر من قلم حبر (ستيلو)، أو علبة هندسة، وتدوين اسمها على لوحة الشرف في المدرسة، فتطير بثينة من الفرح ويضيء وجهها من السعادة، فتحضنها وتقول لها بعبارة مملوءة بالنشوة: هاتي بوسة برّوعة· وقُبلة بثينة هي الجائزة الكبرى التي تفوق كل الجوائز التي حصلت عليها روعة· هذا الشعور بالنجاح والتفوق، ظل وساماً حملته طوال حياتها بفضل بثينة عليها·
 
لم تكن تعلم أن الموت يترصَّد لبثينة ليخطفها في لحظة مثل وحش كاسر· حبُّها المجنون لها، وتعلُّقها بها، حالا دون رغبتها في وداعها الأخير··· لم تقوَ على وداعها، وليس بوسع مشاعرها أن تحتمل رؤيتها جسداً صامتاً وهي التي طالما كانت ممتلئة بالحيوية والمرح· كانت تعرف لو أنها بذلت جهداً أكبر لكانت في الوقت المحدد لحضور الوداع الأخير، لكنها أرادت أن تحتفظ بصورة بثينة ووجهها المضيء؛ بثينة الضحوكة معها ومع صديقاتها، بثينة التي دخلت معها السينما في أيام العيد· أمّا الآن فلا تريد للون الموت الكالح أن يسكن في الذاكرة· ماتت بثينة بعد أن تزوجت الحبيب الذي كانت تذهب للقائه في مراهقتها، حبيبها الذي يشبه >عبده حليمو< ورزقت منه بأربعة أولاد· لقد خسرت معركتها التي استمرت أربع سنوات ضد سرطان الثدي، عانت فيها الكثير هي وزوجها وأولادها، وقاومته، لكنها خسرت المعركة في النهاية·

الصفحات