أنت هنا

قراءة كتاب أرجوحة تعلو... وتعلو

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أرجوحة تعلو... وتعلو

أرجوحة تعلو... وتعلو

رواية "أرجوحة تعلو... وتعلو "، تبدأ الكاتبة في مقدمتها قائلة: هل الكتابة هي النص ؟هل هي المكتوب منه أو المسكوت عنه؟هل هي الأطر؟ أم أنها الهوامش؟ أم أنها التخوم ؟ أم أنها النصوص السابقة؟ أم أنها النصوص المتقاطعة؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
(3)
 
لا يولد البشر مرة واحدة يوم تلدهم أمهاتهم وحسب، فالحياة ترغمهم على أن ينجبوا أنفسهم·
 
(غبريال غارسيا ماركيز)
 
 
 
من عادة الوالدة حياة في المساء الخروج لزيارة صديقاتها، وهي عادة اعتادت عليها منذ سنوات طويلة، وعندما تقاعد الوالد كان يداعب الوالدة بقوله: هل لابد من الخروج ؟ في الحقيقة لم تكن سوى مداعبة مبطَّنة بالاعتراض على خروجها، لكنها تجيبه: أريد أن أشم هواء·فيرد: ألا يوجد في البيت هواء؟ يقولها بسخرية· أما هي فتمضي مسرعة في طريقها للخروج وتقول: وأنا شابة لم تسألني والآن وأنا >ختياره< تحاسبني؟ تقولها ولا تنتظر حتى تسمع الرد، فزيارة صديقاتها تقليد دأبت عليه، فأمهات صديقاتها صديقات لوالدتها درِّيّة· 
 
والجدة درية سيدة دمشقية من عائلة عريقة، وهي الأنثى الوحيدة بين أربع شباب بعد وفاة شقيقتها بمرض غامض وهي صبية، وبسبب مرض والديها عاشت مع زوجها وابنتها في بيت أهلها أي (صهر بيت) كما يسمى في الحياة الدمشقية، وكان زوجها يعمل مع إخوتها في التجارة، وحدث أن جرى خلاف على العمل فيما بينهم، فخيَّرها أخوها الكبير بين زوجها وأهلها، فاختارت أهلها ولم تعد ترى زوجها بعد ذلك·
 
عاشت الجدة درية مع ابنتها في بيت الأسرة في منطقة القزازين، (ومن هذا البيت ورثت روعة مبلغاً من المال ساعدها على إكمال دراستها والحصول على الدكتوراه)، فضلاً عن أنها أصبحت المسؤولة الأولى عن تربية أطفال أخيها الكبير، بعد انفصاله عن زوجته، وقامت بإرضاع ابنه الأصغر مع ابنتها· 
 
وتروي الجدة درية أنَّ أشقاءها الثلاثة التحقوا بركب الثوار الذين قاوموا الاحتلال الفرنسي· وتسرد على أسماعهم كيف أن الفرنسيين لاحقوا الثوار إلى منطقة القزازين - وهي منطقة غير مأهولة في ذلك الوقت- وحاصروا المنطقة، ومهارتها في إخفاء إخوتها وزملائهم من الثوار في مستودع تحت البيت مدة شهر، وعندما جاء الفرنسيون للتفتيش والبحث عنهم استطاعت- بمظهرها البسيط والأطفال حواليها ووالديها المريضين - أن تقنعهم بأن يقوموا بالتفتيش غير هيّابة ولا وجلة· كانت الجدة درية تروى هذه القصة لروعة وأخواتها بفخر واعتزاز بالنفس، فيعجبون من مهارتها وقدرتها على التمويه وهي تطمئن أهالي المحاصرين في بيتها وتأمين القوت لإطعام الأفواه الكثيرة دون لفت أنظار الفرنسيين إلى كميات الطعام التي تدخل إلى البيت·

الصفحات