أنت هنا

قراءة كتاب غرب المحيط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
غرب المحيط

غرب المحيط

"غرب المحيط" رواية تروي حكايات الغربة والحنين من جهة، وإشكالية شرق غرب من جهة أخرى، فمن خلال تسليط الضوء على حياة عائلة في المهجر، وما يلحق بهم تباعاً من مهاجرين آخرين، ترصد الروائية التناقضات التي يعيشها الإنسان العربي في أمريكا، في ظل واقع جديد غريب عنه ف

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
فيزا ثانية لحقت بفيزا الأستاذ فائق، كانت من حظ شقيقه فهمي الذي يصغره بعامين، الحدّاد المحترف العصبي المزاج، الكثير الانفعال والتشاؤم والأمراض، لا يثق بأحد ولا يؤمن بالأيام·· اختصر الوان الحياه بالأسود لا غير·· أسرته المكونة من زوجتة خيرية، الشابة الجميلة ذات العينين العسليتين الواسعتين، والوجه المستدير بخدوده الزهرية والقوام الممشوق، الصابرة بغير استسلام، ست بيت درجة أولى ومدبرة ترضى بالقليل، وتحب طبخة الكوسا المفرومة بالبندورة، ولكنها لا تتورع عن الصيام ليومين أو ثلاثة لتوفر ثمن زيارة صالون التجميل أو شراء كريم للبشرة، أو ارتداء ملابس توحي بأن حالها أفضل بكثير، تحب زوجها وتتمسك به، رغم نكده وأمراضه، ولكنها تأنف من مساعدة إخوته المستمرة له، وتعمل بجد للاستغناء عنها·· الابن الأكبر سامي في الحادية عشرة، متوسط الذكاء قليل الحيلة، صامت ولكنه نشيط ومعروف بين أترابه وأبناء حارته كلاعب ماهر لكرة القدم كابن عمه·· ثم بلقيس في التاسعة، جميلة كوالدتها، سوداء الشعر بيضاء البشرة، هادئة ودود وذات ابتسامة ساحرة، تتحمل الكثير من المسؤوليات تجاه إخوتها، تأتي بعدها كريمة في الرابعة والنصف، طفلة رائعة مغرورة ومعتدة بنفسها، قليلة الكلام تتأمل ما حولها وكأنها تختزن كل ما ترى وتسمع، فتبدو مضغوطة تكاد تنفجر، والرابع كريم طفل جميل موفور الصحة وبشوش، في الثالثة من العمر يبدو مع كريمة وكأنهما توأمان·· أما كامل فلديه من العمر شهران·· 
 
الفيزا الثالثة كانت من حظ الأخ الثالث نعمان، جامعي حديث التخرج بالاقتصاد الدولي، محب للعائلة، حنون وشهم وكريم، يتمتع بصفات جسمانية رائعة وصوت نافذ·· عربي أصيل·· ثوري وطني جريء متحمس، ولا يهاب مطلقا ولا يخاف لومة لائم في دفاعه عن أمته ووطنه، تشغله قضايا العرب من المحيط إلى الخليج، مثقف سياسي من الدرجة الأولى، دماغه أشبه بكومبيوتر متحرك، يقرأ كثيرا في كل ما يخص العرب من تاريخ وجغرافيا وسكان ومياه واقتصاد وزراعة ومآس، وكل ما يحيط بهم من مؤامرات ودسائس وأحلاف، معتد بنفسه فخور بأصله، يختزن كل ما يقرأ·· يعتبر نفسه مناضلا قوميا·· يحلم بمستقبل كبير للجميع، لا يعجبه حال إخوته ويريد تغيير كل شيء، ولكنه للأسف لا يسير وفق خطة واضحة للتغيير·· طيب القلب سريع التأثر، عاطفي مثالي الأخلاق والأفكار، مضحٍّ ويؤثر الآخرين ولو به خصاصة يقدم بالمجان كل ما لديه·· معتمدا على رغبته الحصول على أعلى الشهادات التي ستعوضه عن كل ما يقدمه لغيره·· يسير عكس التيار، وعلى باب الله، ويتخذ قراراته بما يعاكس كل اتجاهاته للإصلاح··· وعندما يفشل يفكر بعالم يصنعه هو لنفسه ولمن حوله، ويعيش على أحلام تحقيقه·· 
 
سبقهم إلى أمريكا قبل سنوات طويلة، وساعدهم في الحصول على الفيزا، شقيقتهم الكبرى أم فايز التي ندم والداها على تغريبها وماتا كمدا وحزنا على فراقها بعد ذلك ببضع سنين، وهي الآن في غربة جديدة·· ففي ليلة سوداء داهم اللصوص السوبر ماركت الكبير الذي يملكه زوجها، وأفرغوا رصاصاتهم القاتله في رأسه بعد أن رفض تسليمهم غلة المحل·· ترك المرحوم لعائلته ثروة كبيرة أدارتها أم فايز بحكمة ودراية··· أرادت أن تجتمع مع إخوتها، وقد لاحظت أن أبناءها باتوا في سن الشباب، ولا يجب تركهم دون كبير يساعدهم ويرشدهم ويدلهم على الطريق المستقيم، وبعد أن خشيت على ولدها الشاب فايز من إحدى الأميركيات المطلقات، والأم لطفلة لا تعرف والدها ولا يعرف هو بدوره أن له بنتا في الثانية من العمر حيث أخفت الأم خبر حملها عند طلاقها، رغبة منها بمحو كل ما يذكرها أو يربطها به··· 
 
نائل الابن الثاني لأم فايز، شاب طموح مجد ومجتهد، ورث عن والده حب التجارة، واستطاع باكرا توفير الكثير من المال من تجارة السيارات·· أمامه مستقبل مالي ضخم وحياة اجتماعية الله وحده يعلمها··· 
 
وأما الثالث فياسر·· صاحب والده المرحوم جهاد الفالح؛ فمنذ ولد وبدأ خطواته الأولى وهو رفيق له يصاحبه في كل مكان، هيأ له في محله مكانا يأوي إليه إذا نعس أو تعب، كان ينوي أن يربيه كما يريد وعلى طريقته العربية·· يشاهد الطفل والده يوميا يقرأ القرآن الكريم وكتب السيرة والأبطال وغيرها من الكتب العربية، التي زخرت بها مكتبته في بيته الكبير والتي جمعها عبر السنين، سواء أثناء زياراته إلى البلاد أو بمراسلة دور النشر العربية، والحصول على كتبها بطريق البريد·· لم تسلخه الهجرة المبكرة ولا النجاح التجاري ولا المال الذي جرى بين يديه عن أصله وبلاده··· حرص أن يجعل من ولده الأصغرعربياً دون رتوش، فبدأ بتعليمه العربية منذ نعومة أظفاره·· وهو الآن مراهق لكنه يبدو أكبر من سنه جسما وعقلا وسلوكا·· دراسته تسير على خير ما يرام، متفوق وكثير الاطلاع· عدد من الجامعات تقدمت لخطفه حال تخرجه، يريد أن يدرس علوم الذرة أو علوم الفضاء، ويتمنى أن يكون أول عربي يصل القمر·· مختلف عن غيره، يفخر بنسبه ويرى نفسه عربيا محافظا، لا يعجبه ممشى إخوته ويتمنى العودة إلى البلاد كي يتزوج من بنت عربية مربَّاة تربية صالحة·· يتابع أخبار المتفوقين من العرب في أمريكا، كالدكتور النابغة، إدوارد سعيد، والدكتور الداعية حسان حتحوت، والمخرج السينمائي العربي الفذ مصطفى العقاد، وعالم الفضاء فاروق الباز، والسياسي المحترم جيمس زعبي·· يقلّب الأخبار ويقرأ الصحف، ويزاول هوايته بالبحث عنهم في مواقع الإنترنت والشبكة العنكبوتية، وعبر جهاز الكومبيوتر الخاص به، فيجد الكثير الكثير مما يشد أزره ويزيد قناعته بأنه ينتمي إلى أمة عظيمة·· 

الصفحات