أنت هنا

قراءة كتاب الأمواج

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأمواج

الأمواج

رواية الأمواج التي نقدمها بالعربية الآن للقراء كانت قد صدرت في عام 1931 فاعتبرها النقاد تحدياً للقراء لأنها كلها مكتوبة بلغة شاعرية مرهفة، حتى أن بعض هؤلاء النقاد قال إن الرواية بأسرها هي بمثابة قصيدة شعرية طويلة· كانت فرجينيا وولف تصاب بالجنون بين فترة وأخ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
الشمس لم تشرق بعد· والبحر يمتزج بالسماء، ولا يتميّز عنها سوى بأن فيه شيئاً من طيات، فكأنه قماش متغضن· وبالتدريج، وإذ تبيضّ السماء، يمتد خط قاتم على الأفق يفصل البحر عن السماء ويصير القماش الرمادي مخططاً بتلاطمات كثيفة تتحرك، واحدة تلو أخرى تحت سطح الماء، فتتبع الواحدة الأخرى، تطلبها حثيثاً، إلى الأبد·
 
وما أن يقترب التلاطم من الشاطئ حتى يرتفع كل ضلع من الخطوط، ويهوي بنفسه، فينحطم ويجرف غلالة رقيقة من الماء الأبيض عبر الرمال· وتقف الموجة وقفة انتظار، ثم تنداح مرة أخرى وهي تتأوه كنائم يتنفس بلا وعي· وبالتدريج يغدو الخط القاتم الممتد على الأفق واضحاً حتى كأن الرواسب في قنينة النبيذ القديمة قد ترسبت فجعلت الزجاجة خضراء· وإلى الخلف من الخط أيضاً صفت السماء كأن الرواسب البيض فيها قد ترسبت، أو كأن ذراعاً لامرأة متخفية تحت الأفق قد رفعت سراجاً فانتشرت خطوط بيض وخضر وصفر كامدة الألوان على صفحة السماء وكرياش المراوح· ثم رفعت المرأة سراجها إلى أعلى فإذا بالهواء يبدو ذا ألياف وهو يتقطع أليافاً حمر وصفر كأنها نيران ذات دخان تدوي منبعثة من نار أُضرمت في الخلاء· وبالتدريج انصهرت ألياف النار المشتعلة في غبش واحد، في وهج واحد، يرفع ثقل السماء الرمادية الشبيهة بالأصواف على كاهله فيحيلها إلى ألف ألفٍ من الذرات الزرق الناعمة· سطح البحر غدا، على مهل، شفافاً فامتد يترجرج ويتشعشع إلى أن أوشكت الخطوط القاتمة أن تمحي· وعلى مهل قامت الذراع الممسكة بالسراج برفعه إلى أعلى فأعلى حتى ترائى لهبة عريضة؛ ثمة قوس من النار يشتعل على حافة الأفق، فيتوهج من حوله البحر كله ذهباً·
 
الضياء يسقط على الأشجار في الجنينة، فيحيل ورقة واحدة شيئاً شفافاً ثم يحيل أخرى· طير زقزق في الأعالي؛ وتوقف؛ طير آخر زقزق من الأسفل· الشمس أبرزت جدران البيت إبرازاً حاداً، واستقرت كحاشية مروحة على ستارة بيضاء وبصَمت بصمة إبهام زرقاء من ظل تحت ورقة عند نافذة غرفة النوم· الستارة تحركت قليلاً، لكن كل شيء في الداخل كان داكناً غير ملموس· الطيور شدت بلحنها المرسل الرتيب في الخارج·
 
قال برنادر Bernard إني أرى طوقاً معلقاً من فوقي· إنه يرتعش ويتعلق بعروة من الضياء
 
قالت سوزان إني أرى لوحاً من اللون الأصفر الباهت يترامى بعيداً حتى يلاقي خطاً بنفسجياً

الصفحات