أنت هنا

قراءة كتاب مآثر العلماء العرب المسلمين على الحضارة الأوربية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مآثر العلماء العرب المسلمين على الحضارة الأوربية

مآثر العلماء العرب المسلمين على الحضارة الأوربية

لا مراء في أنه من رحم الحضارة العربية الإسلامية تشكلت أصول ومكونات الحضارة الإنسانية الشرقية منها والغربية، وأن أثر حضارتنا العالمية باقٍ متجدد في تاريخها، لا يمكن محوه سواءً في ماضيها، أو في حاضرها، أو حتى في مستقبلها، وآية ذلك أنها في لُحمتها وسُداها، في

تقييمك:
4.66665
Average: 4.7 (3 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5
لا ريب في أن هؤلاء العلماء الكبار، من آبائنا وأجدادنا في العصور التاريخية المختلفة، أو من علماء أمتنا في العصر الحديث، الذين أينما حلوا أو ارتحلوا، سواءً كانوا عقولاً (أدمغة) نادرة مهاجرة في أرجاء المعمورة، أم مقيمة في أوطانها، فهم رصيد أمتنا الأغلى، وسيظلون بقاماتهم العالية مصابيح مضيئة تنير كوكبنا بعامة، وعالمنا العربي والإسلامي منه بخاصة، هذا العالم الذي هو كأبنائه، من العلماء الرواد العاملين، يمثل بدوره أهم موقع استراتيجي حيوي متميز من كُرتنا الأرضية، حيث يشغل مساحات شاسعة هائلة من الأرض وشرايينها من مواصلات برية وبحرية وجوية.
 
من وحي هذا، لا عجب أن يكون الابن سرَّ أبيه، فالأبناء من الأجيال الصاعدة، يمثلون صفوة علماء اليوم، ويشار لهم بالبنان، ويعدون بمئات الألوف، أو قل نجوماً لا عدَّ لها، من رموز علمية فكرية عملاقة خلاقة، من رجال ونساء، من أكابر علماء الأرض، يعطون بلا منَّة من إبداعاتهم الفكرية العلمية والعملية عطاء غير محدود، في مختلف الميادين الحيوية، في الجامعات، والمراكز الطبية، والمؤسسات البحثية والعلمية، والإعلامية، والفنية، والشركات الإلكترونية والصناعية المتقدمة الكبرى، ووكالات الفضاء العالمية، المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها، إننا حقاً لا نحتاج إلى دليل على فضل أمتنا الدائم المتجـدد على الحضارات الإنسانية قديمها وحديثها.(5)
 
يقول جورج سارتون G. Sarton أحـد أبرز علماء التاريخ في الولايات المتحدة: "لقد سبق للعرب أن قادوا العالم في مرحلتين طويلتين من مراحل التقدم الإنساني طوال ألفي سنة على الأقل قبل اليونان، ثم في العصور الوسطى لقرون عدة، وليس ثمة ما يمنع هذه الشعوب أن تقود العالم ثانية في المستقبل القريب أو البعيد.(6)
 
وبعد فإننا عرضنا في هذه المقدمة صورة ضافية عامة لمآثر الحضارة العربية الإسلامية على الحضارة الإنسانية بعامة، وعلى الحضارة الأوربية بخاصة، راجياً أن تجد ناشئتنا في عبق تراثها الأصيل، ورموز حضارتها العربية الإسلامية العظماء الخالدين، الذين أسسوا أعظم حضارة عرفها العالم وانتفعت بها البشرية على مر العصور. نبراس هداية يستضاء به للسير على نهج وخطى آبائهم وأجدادهم، وصولاً إلى فهم ماضي أمتهم العريق واتخاذه قوة دافعة لتشيد عليه أسباب رقيها في الحاضر من ثم لتصنع من هذا الحاضر التليد مستقبلها الواعد المشرق.
 
والله أسأل لأمتنا اليوم ولأجيالها الصاعدة الخلاقة أن تعود كما كانت يداً عليا في الخافقين، من ثم التربع على عرش الحضارة العالمية، لا يسبقهم أحد تفوقاً في علم أو أدب أو خُلق أو عدالة أو حرية، عاملين مجدداً وبشفافية بمبدأ العلم للجميع والخير للجميع، هذه قيم وفضائل أمتنا ثوابت في ماضيها وفي حاضرها وفي مستقبلها، وهي الفضائل نفسها التي تنشدها الإنسانية من عرب ومن عجم. وحسب أُمتنا مثلاً أسمى في كل هذا، أنها خير أُمة أُخرجت للناس، وقد آتاها الله الحكمة.. ... وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ... (البقرة:269).

الصفحات