أنت هنا

قراءة كتاب مؤتمر النجف رؤية نقدية قرآنية معاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مؤتمر النجف رؤية نقدية قرآنية معاصرة

مؤتمر النجف رؤية نقدية قرآنية معاصرة

يعد مؤتمر النجف الذي حدث في نهاية الصراع الطائفي الطويل الذي أثير بين الصفويين والعثمانيين قبل أكثر من قرنين ونصف، من المحطات والمشاهد الحاسمة والمؤتمرات المهمة التي دعت إلى الوحدة والتقارب المذهبي بين السنة والشيعة، وقد وجدت فيه الكثير من المقررات والمفردا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5
ولعل طول الزمن والمرحلية في آلية الوحدة والتقريب القرآنية مهمة في بناء إعلام إسلامي وسطي مشترك وتكوين رأي عام إسلامي مشترك أيضاً لتعزيز الوسطية ومكافحة الغلو والتشدد والتكفير الذي لا يأتي بخير للفريقين، ومن خلال الجهود المخلصة والمتراكمة للدعاة والمفكرين والتربويين والقادة عبر الزمن، وذلك لأننا لسنا في حال معالجة فكرية واعتقادية فحسب، بل هي أيضا معالجة نفسية واجتماعية كذلك، لاجتثاث النفس الطائفي والمتشدد لدى البعض من الفريقين، والمعشعش في النفوس منذ قرون مصحوباً بذلك الركام الهائل من الروايات السوداء المدسوسة والمستحدثات والمكفرات التي أقحمت في التراث لتغذي الصراع الدموي المرير، والتي لابد من اقتلاعها من الكتب الصفراء والنفوس المتعصبة سواء بسواء، لكي نعيش في ظل تعاليم القرآن وهدي النبوة وأنوار السلف الصالح من الآل والأصحاب.. في الواقع نحن بحاجة إلى نوع من فترة النقاهة النفسية، وإلى ما يشبه مصطلح التيه القرآني( ) الذي دام أربعين عاما في حياة بني إسرائيل والأمم السابقة، لكي يظهر جيل أكثر استعداداً لتحمل هذه الرسالة وإزالة ذلك الركام الذي سطّر في الكتب وعلق في الأذهان بما يشبه الأدغال والأعشاب الضارة والسامة التي نبتت في تراث الأمة عبر القرون. ولعل مثل تلك الآلية أو جزء منها نجدها واضحة في مقررات هذا المؤتمر الفريد والجهود التي بذلها العلماء والكتاب والقادة قبله وبعده.
 
لقد انبت الصراع الصفوي العثماني الكثير من المستحدثات والمكفرات لتبرير استمراره وتغذيته فكرياً وعقائدياً، وهو صراع كما نعلم الآن لم يخدم إلا أعداء الأمة وخصومها، وقد جعل الطرفان المتخاصمان من أرض الرافدين المسرح الأساسي لذلك الصراع المرير. مما أورثنا شيئاً من ذلك الإرث الطائفي، الذي لابد من التخلص منه وإلغاء أثره في الأفكار والنفوس والتراث. لذا فقد نكون معنيين نحن العرب أكثر من غيرنا في تطبيق آلية التصحيح والتقريب القرآنية سعياً إلى الوحدة الإسلامية المنشودة والتعايش الضروري لإرساء دعائم السلام في ربوع المجتمع الإسلامي.
 
لقد فرض الشاه إسماعيل آلية التكفير والتعصب وسب الشيخين وغيرها من المستحدثات، وأصدر العثمانيون كرد فعل لذلك التوجه فتاوى التكفير وإباحة الدماء والأعراض والأموال واحتقار التراث الإمامي عموماً، ولسنا مضطرين اليوم للأخذ بذلك الإرث الغث والركام الأسود، ولنا البديل الأفضل في تراثنا الإسلامي في عصور الإسلام الأولى حين كان العرب لغة وفكراً وحضارةً ونظاماً هم الذين يحكمون العالم الإسلامي، فالقرآن عربي والتسنن والتشيع عربي المنبت والأصل، فعلام ندخل في صراع فرضه الأعاجم – مع اعتزازنا بالمسلمين المخلصين منهم - على أنفسهم في العصور المتأخرة، حينما استبعدوا دور العرب القيادي ولغتهم وحضارتهم وتراثهم المستلهم من هدي القرآن والسنة ومن الوحي المعصوم، ليس هناك أدنى مبرر لترك ذلك التراث المنير والثر، تراث القرآن والسنة والسلف الصالح، والاسترشاد بذلك الركام الأسود والتراث الأسطوري الذي أفرزته عصور الفترة المظلمة وإرهاصات الصراع الدموي بين الصفويين والعثمانيين.

الصفحات