أنت هنا

قراءة كتاب أساليب الخطابة والتدريس - دراسات إسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أساليب الخطابة والتدريس - دراسات إسلامية

أساليب الخطابة والتدريس - دراسات إسلامية

كتاب "أساليب الخطابة والتدريس - دراسات إسلامية"، الخطابة مشتقة من خطبت خطابة ، والخطبة عن الأمر الجلل لنه إنما يقام بالخطب في الأمور التي تجل وتعظم ،وعن تحية مخاطبة الجماهير التي تعتمد على الإقناع والإستمالة والتأثير في الناس ؟فهم وقد كانت لها منزلة سامية ع

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 2

الخطابة في العصر الأموي

الخطابة –كما ذكرنا- فن من فنون النثر ، وهي مشتقة من خطبت خطابة والخطبة هي الأمر الجلل ، لأنه إنما يقام بالخطب في الأمور التي تجل وتعظم ، والخطابة هي فن مخاطبة الجماهير التي تعتمد على الإقناع والإستمالة والتأثير في الناس واستمالتهم إلى أمرها أو توجيههم إلى ما هو خير لهم .
والخطابة ضرورة لازمة لكل مجتمع لأنها وسيلة دعوة وإعلام ، وهي وسيلة الدعاة من الرسل والمرشدين ، وهي تنمو وتزدهر في عصور الحرية حيث يعبر الناس عن آرائهم وأفكارهم ويتجاذبون الآراء المختلفة ففي ظلال الحرية تتقارب الحجج وتتصارع الآراء . وتتنازع المبادئ وتتنافس ، وكل ذلك يغذي الخطابة ويوفر لها جواً ومدداً .
والخطب أنواع : إما سياسية أو قضائية أو دينية أو اجتماعية ، تلق في مجمع من الناس .
ويمتاز أسلوب الخطابة بشدة الإقناع وقوة الأداء وروعة التأثير وقصر الجمل ومراعاة المقام وحال المستمعين كما يمتاز بجمال الأسلوب وبخير المعاني الجميلة ، يقول قدامه بن جعفر :"يجب أن يكون الخطيب عارفاً بمواقع القول وأوقاته واحتمال المخاطبين له ، فقد قيل لكل مقام مقال ….وأن يكون في جميع ألفاظه ومعانيه جارياً على سجيته ، ويستمر قائلاً ، ومن أوصاف الخطابة أن تفتتح الخطبة بالتحميد وتوسع بالقرآن وسائر الأمثال ، فإن ذلك مما ؟ الخطب عند مستمعيها وتعظم الفائدة فيها ، ولذلك كانوا يسمون كل خطبة لا يذكر الله في أولها "البتراء" وكل خطبة لا توسع بالقرآن والابتهال "الشوهاء" ن ولا يتمثل الخطيب في الخطب الطوال التي يقام بها في المحافل بشيء من الشعر فإن أحب أن يستعمل ذلك في الخطب القصار والمواعظ والرسائل فليفعل غلا أن تكون الرسالة إلى خليفة فإن محله يرتفع عن التمثيل بالشعر في كتابه إليه ولا بأس بذلك في غيرها من الرسائل ، فلا يستعمل الإيجاز في موضع الإطالة فيقصد في بلوغ الإرادة ، ولا يستعمل الإطالة في موضع الإيجاز فيتجاوز الحاجة إلى الإضجار والملالة ، ولا يستعمل ألفاظ الخاصة في مخاطبة العامة ، ولا كلام الملوك مع السوقة بل يعطى كل قوم من القول بمقدارها ويزنهم بوزنهم فقد قيل لكل مقام مقال".
والإيجاز يستعمل دائماً في مخاطبة الخاصة وذوي الأفهام النيرة الذين يستغنون عن كثير القول بقليله ، فلذلك لا يرى في أحاديث الرسول "ص" مع كثرتها شيئاً يطول وإنما يأتي على غاية الاختصار والاقتصار ، أما الإطالة فتستعمل في مخاطبة العوام وليس من ذوي الإفهام ، ومن لا يكتفي بيسير ولا يتفتح ذهنه إلا بكثير وإيضاح معانيه ، ولذلك استعمل الله عز وجل في مواضع من كتابه تكرير القصص وتصديق القول ليفهم من بعد فهمهم ويعلم من قصد علمهم ، واستعمل في مواضع أخرى الإيجاز والاختصار لذوي العقول والبصائر . ولقد رفع القرآن الكريم من منزلة النثر فاحتلت الخطابة المنزلة التي كان يحتلها الشعر لن العقيدة الجديدة تستلزم الخطابة فضلاً عن كثرة التنافس والتناظر السياسي والديني بعد مقتل عمر بن الخطاب ن فكان ازدهار الخطابة نتيجة لمؤثرات فيها :
1. الدعوة الإسلامية والخصومة بين أنصارها ومعارضيها استدعت الخطابة .
2. رفع الإسلام من شأن العقل وخفض من غلو العاطفة .
3. الرف السياسي و الاجتماعي إذ أصبح العرب أمة واحدة لها الرئيس الأعلى ونظمت شؤونها الاجتماعية تنظيماً استدعت الخطابة ، سواء كانت من الخليفة أو عماله أو أفراد الأمة وخطبائها أو من مجالس الشورى
4. سلامة الملكات الأدبية وعذوبة الألسنة والقدرة على الارتجال وذيوع آثار بلاغة القرآن والحديث عن النفوس والعقول .
5. كثرة الخلافات حول الخلافة بعد وفاة الرسول "ص" وقتل عمر بن الخطاب مما يستلزم أن يتكلم كل خطيب بما عنده من بضاعة لغوية يدحض بها آراء مخالفيه .
6. كثرت الحاجة إلى الخطابة في شؤون الدين والاجتماع والسياسة
ازدهارها في عهد بني أمية :
أما في العصر الأموي فقد كانت كل الظروف السياسية والاجتماعية والأدبية تتساعد إلى حد بعيد على ازدهار الخطابة ورقيها في عصر بني أمية .
1. الثورات السياسية وكثرة الحروب والفتوحات واشتداد النزاع في الخلاف بين الأحزاب التي نشأت ، والتنازع بين العقائد والمبادئ ، كل ذلك أدى إلى نهضة الخطابة .
2. قربهم من العصر الجاهلي أمدهم بسلامة الملكات وبلاغة القول كما أمدهم الإسلام بحصانة الرأي وسلامة الفكر وحسن البيان .
3. الحرية التي كان يعتقد أنها جزء من نفسية العربي كانت تدفعه إلى القول دون خوف من الخليفة أو حذر من ذوي السلطان.
وكانت الخطابة ذات موضوعات شتى لما استجد من شؤون الدين السياسي والاجتماعي فقد استعملت عند الدعاية السياسية عند الفرق والأحزاب ، وفي الجدل الديني عند الخوارج والشيعة وغيرهم ، وفي وفاء الخلفاء نحو ولاتهم في المناقضات والمحاورات والمفاكرات والتي كانت تدور بين العصبيات المختلفة في السياسة والاجتماع والأدب .
وقد كان الأمويين يعلمون الناس الخطابة ويدربونهم عليها واستمر الأمر إلى عهد بني العباس .

الصفحات