قراءة كتاب كتاب الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كتاب الحرية

كتاب الحرية

يتناول مفهوم الحرية وأشكالها, تحديداً في عالمنا العربي, تحت وطأة الاستبداد والسرقات الإنسانية لهذا المفهوم وهو الحرية, ان كان ذلك على المستوى السياسي والدولي او ان كان ذلك على مستوى الأفراد ووعيهم لهذا المفهوم الذي كان لفترات طويلة من تاريخنا العربي عبارة ع

تقييمك:
2
Average: 2 (2 votes)
الصفحة رقم: 4
ثانياً، يتمثل معنى كليّة الحرية على صعيد وجود الإنسان الجمعي. فلا معنى لأن يكون المرء حراً سياسيّاً ومستعبداً إقتصادياً، ولا معنى لأن يكون حراً إقتصادياً ومستعبداً إجتماعياً، ولا معنى لأن يكون حراً إجتماعياً ومستعبداً سياسياً وإقتصادياً. ثم إنه لا معنى لأن يكون المرء حراً أمام القوانين التي تحتويها النصوص، لكنه مستعبد في الواقع الفعلي أمام أعراف الناس من أسرته إلى عشيرته إلى طائفته فإلى مجتمعه. ولا معنى للحرية إذا كان المرء حراّ في السياسة مستعبداً في الدين، أو حرلً في الدين ومستعبداً لسلطة الدولة، أو حراً في السياسة والدين لكنّه عبد لسلطة التقاليد.
 
3-
 
إما أن تكون الحرية كاملة جذرية شاملة أو لا تكون. وذلك ما لم يدركه، إلا في لمحات شاذة نادرة، وفي بيئات محدودة، عصر من عصور الحياة العربية، أو تيار فكري فيها، لقرون طويلات عديدات. فلقد كان العربي في جلّ سعيه على الأرض عبداً لشيئ أو آخر، لهذا الإله أو ذاك، لهذه العقيدة أو تلك، ولتنيك الطاغية أو ذينك.
 
4-
 
والحرية مقولة شاملة، بمعنى أنها حق إنساني عام يكتسبه الإنسان من صفة إنسانيته، وليست حقّا مخصّصاً. وكما أن إنسانا لا يمكن أن يكون أكثر إنسانية من إنسان آخر ( إلا بالمعنى المجازي المحض للإنسانية )، فلا يمكن أن يكون إنسان أحقّ بالحرية من آخر. الحرية لا تختصّ بعرق دون عرق، أو قوم دون قوم، أو طبقة دون طبقة، أو فئة دون فئة، أو دين دون دين، أو عقيدة دون عقيدة، لا فرق في ذلك بين عربي وأعجمي حتى بالتقوى. ولا فرق في ذلك بين مسلم وغير مسلم، أو بين مسيحي ويهودي، أو بوذي وهندوسي، أو متدين وغر متدين. ولا فرق في ذلك بين غربي وشرقي، أو شمالي وجنوبي. ولا فرق في ذلك بين غني وفقير، أو كبير وصغير، أو قادر وعاجز، أو ذكر وأنثى.
 
والحرية ليست قضية تخصّ الرجل دون المرأة، بل إنها لقضيتهما معاً بالتساوي. فلا معنى لحرية يمتلكها الرجل إن لم تكن المرأة تملك الدرجة ذاتها من الحرية. كذلك لا معنى لحرية تمتلكها المرأة إذا لم يكن الرجل يتمتع بقدر مكافيء من الحرية.
 
5-
 
والحرية هي من حقّ الآخر عليّ وحقّي على الآخر، إنها إحدى السمات القليلة لكينونة الإنسان التي ترتبط بالآخر ارتباطاً وجودياً يحيل العلاقة بين الذات والآخر إلى ضرورة تعاطف مشترك وواجب حماية متبادلة. أنا لست حراّ بمعنى حقيقي إلا حين يكون الآخر الذي يشاركني فضاء الوجود الإنساني حراً. والآخر ليس حراّ بمعنى حقيقي إلا حين أكون أنا الذي أشاركه فضاء الوجود الإنساني حراً بمعنى حقيقي.
 
6-
 
والحرية ليست حقّاً فقط، بل إنها لضرورة أيضاً، إنها ضرورة وجود من أجل أن يحقق الفرد ذاته الفردية ويغني الذات الاجتماعية، ومن أجل أن يحقق المجتمع ذاته الاجتماعية ويخصب الذات الفردية، ومن أجل أن تنشأ وتسود بين هاتين الذاتين المتناسجتين المتداغمتين علاقة جدلية إخصابية دائمة تولّد، حتى في لحظات اصطدامها ونزاعمهما الحقيقيين، العطاء المتبادل والمساندة والتعاضد المثريين.
 
أوكسفورد آب / أغسطس 2007

الصفحات