يتناول مفهوم الحرية وأشكالها, تحديداً في عالمنا العربي, تحت وطأة الاستبداد والسرقات الإنسانية لهذا المفهوم وهو الحرية, ان كان ذلك على المستوى السياسي والدولي او ان كان ذلك على مستوى الأفراد ووعيهم لهذا المفهوم الذي كان لفترات طويلة من تاريخنا العربي عبارة ع
قراءة كتاب كتاب الحرية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
2-
وكما أن الحرية ليست هبة توهب، فإنها ليست سلعة تباع وتشرى. ثم إن الحرية كلّ لا يتجزّأ ولا ينقسم، فهي إما أن تكون أولا تكون. فلا معنى لأن تكون الحرية ثم تكون ناقصة مجزأة نُتَفيّة. ويتمثل معنى الكليّة على أصعدة وجود الأنسان كلّها. أولاً، على صعيد تكوينه الفردي، لا تتجزّأ الحرية؛ فهي حرية للفكر والروح والجسد. لا معنى لأن يكون الفكر حراً والجسد مستعبداً. ولا معنى لأن يكون الجسد حراً والروح مستعبداً. ولا معنى لأن يكون الروح حرّاً والفكر والجسد مستعبدين. ثم إنه لا معنى لحرية المرء إذا كان حرأ في أن يعتقد ما يشاء، لكنه ليس حراً في أن يعبّر عن اعتقاده، أو كان حراً في أن يعبّر عن اعتقاده بالكلام، لكنه ليس حرّاً في أن ينقل تعبيره إلى مستوى الممارسة في سلوكه اليومي.
ثانياً، يتمثل معنى كليّة الحرية على صعيد وجود الإنسان الجمعي. فلا معنى لأن يكون المرء حراً سياسيّاً ومستعبداً إقتصادياً، ولا معنى لأن يكون حراً إقتصادياً ومستعبداً إجتماعياً، ولا معنى لأن يكون حراً إجتماعياً ومستعبداً سياسياً وإقتصادياً. ثم إنه لا معنى لأن يكون المرء حراً أمام القوانين التي تحتويها النصوص، لكنه مستعبد في الواقع الفعلي أمام أعراف الناس من أسرته إلى عشيرته إلى طائفته فإلى مجتمعه. ولا معنى للحرية إذا كان المرء حراّ في السياسة مستعبداً في الدين، أو حراً في الدين ومستعبداً لسلطة الدولة، أو حراً في السياسة والدين لكنّه عبد لسلطة التقاليد.
إما أن تكون الحرية كاملة جذرية شاملة أو لا تكون. وذلك ما لم يدركه، إلا في لمحات شاذة نادرة، وفي بيئات محدودة عصر من عصور الحياة العربية، أو تيار فكري فيها، لقرون طويلات عديدات. فلقد كان العربي في جلّ سعيه على الأرض عبداً لشيئ أو آخر، لهذا الإله أو ذاك، لهذه العقيدة أو تلك، ولتنيك الطاغية أو ذينك.