أنت هنا

قراءة كتاب الخواجا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخواجا

الخواجا

"الخواجا" هذه مجموعة من القصص والحكايا والطّرائف اللطيفة التقطتها عينا الكاتبة الشّابة فدى جريس من أفواه الكبار سنّاً من أهل قريتها الجليليّة الجميلة، وأعادت نسيجها بمغزلها العصريّ وهي تحمل القارئ على جناحي غمامة فلسطينيّة إلى سنوات خالية فيها طيبة الناس وس

تقييمك:
3.333335
Average: 3.3 (3 votes)
المؤلف:
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 2

نام كلبك

جلس أسعد وسعيد في ضيافة السيد أبي كرم وهما يستمعان باهتمام إلى ما يقوله. فهو تاجر معروف في المنطقة وشخصية ذات نفوذ كبير وعلاقات كثيرة، تخدمه في تجارته الواسعة التي اغتنى منها ونعم برغد العيش. يسافر كثيراً في أعماله إلى أماكن مختلفة، يعود منها محملاً بهدايا عديدة لأهل قريته، هو الزعيم المحلي في السابق المتدرب على هذه السمة، التي بقيت في نفسه كأداة إستراتيجية لكسب الود وضمان الولاء. يستعمل هداياه بترتيب مدروس، وفقاً لمقتضيات الزعامة أو المصلحة.
أخرج السيد إحدى هداياه وأعطاها لابن خاله، الذي كان بين الجالسين وهمّ بالإنصراف. فابتسم في حرج: ‘يا أبو كرم، دايماً غامرنا بلطفك... مش عارفين وين نروح بجمايلك هاي؟!’
ضحك أبو كرم وهو يربت على كتفه بودّ: ‘ما تقولش هيك يا رجل... هاي بس علبة حلقوم معطرة وطيبة كتير. ان شاء الله تعجبكم...’
بعد قليل استأذن أبو جلال، ساعي البريد. فتناول أبو كرم رزمة صغيرة من الكيس الموضوع بجانبه. ‘تفضل يا أبو جلال...’ وابتسم الرجل في حبور متمتماً بالشكر.
تبادل أسعد وسعيد النظرات. لم يريا من أبي كرم هدية واحدة طيلة أسفاره. وهما يعملان في تربية المواشي ويهتمان به، خاصة أنه غير متزوج، فيحضران له ما لذ وطاب من أفضل منتجاتهما، ويدللانه بكميات منتظمة من الحليب الطازج واللبن والجبن واللحوم والبيض... سلة داخلة وأخرى خارجة... وكل ذلك فقط إطراءً للسيد وحفاظاً لمكانته. لكن الهدايا تتوافد من أسفاره ولا ينالهما منها نصيب.
نفخ سعيد في ضيق واستأذن وأخوه بالانصراف، ناظران إلى السيد في ترقب، علّه يفطن بهدية، لكنه اكتفى بابتسامة عريضة. ‘شكراً، شكراً يا جماعة! يا هلا بالأوادم!’
أطبق الصمت عليهما حتى وصلا إلى الشارع. ثم اندفع أسعد في حنق. ‘شو هذا؟! يا أخي كل هالسنين نعطيه، ومستخسر هدية صغيرة فينا؟! شو هالعالم هاي؟!’
نظر سعيد أمامه ساهماً: ‘ولا يهمك. أنا بادبّره...’
‘كيف؟’
بعد أسبوعين كان أبو كرم يستعد للسفر ثانيةً.
‘يعطيك العافية يا كبير!’ قال سعيد وهو يجمع علب الجبن الفارغة. ‘يعني ما نجيبلك شي إلا بعد رجعتك بالسلامة؟’
‘أيوه تمام. يا عيني عليك... والله خيركم مغرّقني يا أبو السعد!’
‘مبيّن...’ تمتم سعيد لنفسه.
في الليل، ارتدى أبو كرم بيجامته باكراً. ما عليه سوى نيل قسط من الراحة لينطلق في الصباح. لمعت عيناه وهو يفكر بالصفقة الثمينة التي سيعقدها، وفرك يديه: ‘زيادة الخير، خير وبركة!’
خرج إلى الصالة لإطفاء النور، فسمع طرقاً على الباب. أف! من ثقيل الظل هذا؟ سيرى من القادم ويتخلص منه بسرعة.
‘مسا الخير يا كبير!’ ابتسم أسعد وسعيد وهما مصطفان على العتبة.
‘أهلاً!’ من أين أتاه هذا الثنائي الآن؟ ماذا يريدان؟ وسعيد يعلم أنه سيسافر باكراً!
‘إن شاء الله ما يكون في إزعاج... بس قلنا نيجي نسلم عليك قبل ما تمشي.’
‘آه... أهلا وسهلا... تفضّلوا... دقيقة أعمل شاي.’
أمل أن يشربا الشاي بسرعة وينصرفا، وحينها يخلد للنوم.’الله بيعينني...’ قال لنفسه وهو يجهز الصينية.
بدأ الأخَوان في ارتشاف الشاي ببطء شديد وطرق موضوع للحديث تلو الآخر، فيما يتعلق بأمور القرية والناس والمواشي. ‘وبعدين؟!’ فكر أبو كرم في حنق. لا يبدو عليهما الاستعجال أو تقدير الموقف!

الصفحات