أنت هنا

قراءة كتاب الخواجا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخواجا

الخواجا

"الخواجا" هذه مجموعة من القصص والحكايا والطّرائف اللطيفة التقطتها عينا الكاتبة الشّابة فدى جريس من أفواه الكبار سنّاً من أهل قريتها الجليليّة الجميلة، وأعادت نسيجها بمغزلها العصريّ وهي تحمل القارئ على جناحي غمامة فلسطينيّة إلى سنوات خالية فيها طيبة الناس وس

تقييمك:
3.333335
Average: 3.3 (3 votes)
المؤلف:
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 4

إن أغمضت عينيّ

ثارت مشكلة مجدداً بين بعض أهل القرية ومجموعة مشاغبين من القرية المجاورة، وتطورت إلى الصراخ والتهديد ثم الضرب، فتدخل يوسف ‘القبضاي’ كعادته. لكن القتال احتدم، وقرر الخصوم أن يلقنوه درساً. هاجمه أحدهم بعصا، لكن يوسف أحنى رأسه بسرعة بديهية والتقط حجراً، ما لبث أن صوبه إلى وجه المهاجم فأصابه في جبينه وأسال دمه، ففر الجميع من حوله. وقام يوسف بمساعدة الجرحى من أهل قريته والعودة بهم إلى ديارهم.
لكن الأمور خرجت عن المألوف هذه المرة، فقد كانت إصابة الجريح بليغة، ووصل الخبر سريعاً إلى مسامع أهل القريتين ثم إلى الوجهاء، فأتت مجموعة غاضبة من القرية المجاورة إلى قرية يوسف، طارقة باب المختار الذي استقبلهم وهو في حال من الحرج، محاولاً تهدئتهم ريثما يحل الأمور. لكن أصواتهم ارتفعت مطالبة بإنزال أشد العقاب بيوسف.
‘شو عم نستنّى؟ ليقتل حدا منّا؟!’
‘وبعدين شو رح يصير؟ ومين رح يحمينا؟ رح ندبح بعضنا! حلّ هالقصة يا مختار!’
أرسل المختار فوراً في طلب وجهاء القرية وممثلي عائلاتها. وعند وصولهم، انعقد مجلس كبير في بيته يضم حوالي ثلاثين نفراً، للبحث في قضية... يوسف!
‘لازم نجيبه لهون.’ صاح المختار بضيق، والتفت إلى صبي يجلس قريباً ويراقب المشهد. ‘يا ولد، روح ناديه!’
كان يوسف في بيته، يغسل جراحه بالعرق ويضمدها بقليل من البن، حين طرق الصبي بابه وأخبره بما يحدث. نظر إلى الصغير بهدوء، ثم وقف متكأً على عصاه الكبيرة وابتسم وهو يهز رأسه.
‘مجلس كامل عشانك يا يوسف... طلِعت مهم وأنا مش عارف!’
وجه حديثه إلى الصبي، المحدق فيه بخوف وإشفاق. ‘استنى يا إبني... جاي معك.’
كان اللغط الدائر في بيت المختار يعلو دون نتيجة. فغالبية الأصوات تطالب بشدة بإنزال العقاب بيوسف، معتبرة اياه صاحب مشاكل ومتمرداً خارجاً عن السيطرة. أما قلة قليلة من الأصوات، فحاولت التوضيح بأن أهل القرية الأخرى هم المعتدون، وبالتالي يجب عليهم ردع جماعتهم قبل أن يأتوا صارخين بمطالبهم! لكن أحداً لا يستمع إلى هؤلاء، بينما الأغلبية مشغولة في التهجم عليه.
دفع الباب ودخل، ناظراً إلى الجميع بتفحص، فساد الصمت فجأة. وتنحنح المختار قائلاً: ‘يوسف، أقعد. الجماعة جايين بشكوى كبيرة بحقك، وبدنا نحلّ الموضوع.’
‘أي موضوع؟’ سأل عابساً.
‘موضوع هجمتك عالراعي اليوم، لأنك أذيته كثير ولازم نلاقي حل لمشاكلك!’
‘مشاكلي أنا، أو مشاكلهم هم اللي كل ساعة بيهجموا علينا؟’ سأل يوسف بتهكم. ثم احتدّ صوته. ‘كل شوي بيجمعوا شوية زعران وبيهجموا علينا وع غنمنا. كأنه فش زلمة بهالبلد!’
احتقنت وجوه الجالسين غضباً، وسرت همهمة بين مؤيد ومعارض. أما المختار، الذي ضاق ذرعاً بيوسف لأسبابه الخاصة، أهمها أن يوسف لا يوليه اهتماماً كبيراً ولا يعطيه احترامه المفترض، فقرر خوض هذه الحرب ضده، والتي أتت من خلال ذريعة مناسبة. كان يعلم أن يوسف على حق هذه المرة، لكنه ردّ بنبرة قاسية: ‘يوسف، رح نعمل اتفاق صلح، ونتعهد انه ما حدا فينا يهاجم الثاني!’

الصفحات