أنت هنا

قراءة كتاب عناقيد العطش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عناقيد العطش

عناقيد العطش

كتاب " عناقيد العطش " ، تأليف د. علي حجازي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

ـ كما كنت أيام الاحتلال، بحماية أمنهم وقواتهم، أليس كذلك؟ ثمَّ من أخافك من قبل حتى تقول هذا الكلام؟ حتى الذين كانوا أمثالك أصبحوا آمنين على أموالهم وأعراضهم ودمائهم، ثم من قال لك إننا ضد القانون الذي به تحتمي؟
لحظات مرّت، علا بعدها غبار، وزعق زمور سيارة قادمة في الآذان. كأنه صوت زلزال. أنوار السيارة تنهب المكان، وتخترق الغبار المتكاثف.
ضاعت وجوه الناس الذين تململوا رافضين موقف الشخص.
ـ إنها سيارة الدرك (قال الشخص وهو يهرول ويقول بانفعال) سيدي، إنَّه هناك، الحجر لا يزال بيده، اقبضوا عليه!
نزل رجال الدرك من السيارة، هاماتهم مديدة، الرشيشات مصوَّبة تجاه الفتى المتمسك بالنصب، تقدموا منه أكثر، أمروه أن يرمي الحجر ويرفع يديه إلى الأعلى.
لم يستجب الفتى، فظل منتصباً ثابتاً في مكانه، ضربوا طوقاً محكماً حوله، وقال رئيس الدورية:
ـ من أنت أيُّها الفتى؟ وما اسمك؟ ثمَّ ماذا تريد من الزرع، ومن التهديد؟
انتفض الفتى، احمر وجهه من غضب، وقال مخاطباً رئيس الدورية:
ـ بل أنت من تكون؟ وما اسمك؟ وأين كنت يوم زرع أبي دمه هنا على هذي الأرض، أيام كان الصهاينة يقصفوننا ويذيقوننا مرّ العذاب؟
ـ أنا رجل أمن!
ـ وأنا ماجد ابن الشهيد!
ـ ولِمَ تحمل حجراً، وتريد إيذاء الزرع، وتخويف الرجل وإزعاجنا بوجودك هنا، داخل أملاكٍ خاصة؟
ـ هذا ليس حجراً كما تقول، إنه نصب يؤرخ للحظة استشهاد والدي في هذا المكان، وأنا لا أبغي سوى تثبيته هنا. ثمَّ إنَّه رحمه الله، لم يقل لنا إنَّها أملاك خاصة.
ـ وماذا قال لك والدك؟
ـ إنَّها أرض الوطن. وحقّ علينا تحريرها (هذا ما لقننا إياه والدي).
ـ وماذا أوصاك بعد؟ هيا، تفلسف.
ـ قال لنا: الأملاك الخاصة عندما تكون محتلة تصبح وطناً نعمل على تحريره لئلا يصبح الوطن أملاكاً خاصة.
ـ بقي سؤال واحد، أوالدك أوصاك أن تنصب هذا النصب هنا؟
لا، فأبي، رحمه الله، لم يكن يعرف أنَّه سيستشهد هنا، غير أنَّه كان مؤمناً بأنَّ عليه أن يقاوم من هنا، لذا تراني جديراً بحمل الأمانة، أمانة دمائه التي حرّرت متجمعة مع غيرها، الوطن، الذي تتبختر الآن مع رجالك على ترابه. لذا تراني مصراً على نصب النّصب هنا، وهنا بالتحديد، لأن رحلة أبي إلى حرية الوطن كانت من هنا، كما كانت مواقع الراحلين في قافلة أبي نقاط بدايتهم إلى الوطن،
بعد التحرير
عام 2000

الصفحات