أنت هنا

قراءة كتاب أحلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أحلام

أحلام

كتاب " أحلام " ، تأليف سالمين القذافي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

مهاجر...!!

عاشا معاً طفولة كلها مرح وفرح. كانت ضحكاتهما عنوان الحب الذي يربط روحيهما معاً برباط أقوى اتفقا عليه منذ الصغر. كانت دنياها تمثّل سعادته التي يرتجيها ويسعى إليها. كبرت حنان وكبر معها حب سليم ليسكن أعماقها بصدق لا يتزحزح ويقين راسخ لا يضمحل. تخرجت هي الآن وهو الذي سبقها أعواماً وبتفوق إلا أن الحياة لا تعطي المرء كل شيء، فهو ما زال منذ تلك الأعوام يبحث عن وظيفة تناسب تخصّصه في بادئ الأمر، إلا أنه تعب وراح يبحث عن وظيفة ما وحسب... لكنه ازداد تعباً من كل هذا أيضاً وهو الذي وزع ملفاته هنا وهناك، بحيث لم يدع مكاناً لديه وظائف شاغرة إلا أودعه أوراقاً ومستنداتٍ تحوي شهادته التي أنهى بها مشوار دراسته بنجاح وتفوق.

وهو الآن يجلس أمامها مرتبكاً لا يدري ما يقول ومن أين أو كيف سيبدأ، فهي توأم روحه وهي أجمل شيء في حياته فكيف سيقول لها بأنه سوف يهاجر للعيش في بلد آخر وهي التي أغلقت هذا الموضوع عندما حدثها عنه في فترة ليست قصيرة. وقالت له إن الإنسان لا يمكن أن يجد نفسه أو كيانه إلا في وطنه وبين أهله رغم ما يواجه في بلده من مصاعب. وهي التي كانت تخفّف عنه عندما يحدّثها شاكياً بأن كل الأبواب موصدة في وجهه. ولم يعثر حتى الآن على وظيفة ولكنه عندما شعر بأن الوقت يتسرب من بين يديه وبأن حبيبته أكملت دراستها وبأن عيون الأهل باتت تنتظر وتنظر إليهما بتساؤل عن الزواج؟؟؟؟ قاطعت حنان حيرته بقولها ماذا هناك أخبرني هل بعد الإلحاح في مقابلتي.. خبر سعيد؟ أوجدت وظيفة؟.. ها هيّا أخبرني...

- حنان حقيقة لا أدري ما أقول ولكن...

- ماذا؟

- أنت تدركين ما أمرّ به من ضيق وتعب بسبب عدم حصولي على وظيفة هنا. إلا أنني راسلت صديقاً لي يعيش في المهجر منذ فترة طويلة لكي يجد عملاً لي. أتذكرين يوم تناقشنا لكنك رفضتِ الفكرة جملة وتفصيلاً؟ حبيبتي أنت تشعرين بي وتقدرين ظروفي وما سفري إلى بلاد الغربة إلا من أجلك لنجتمع ونكون معاً. إنها مسألة وقت حبيبتي.

- سليم أنت تعرف رأيي بهذا الموضوع لكون فكرتك عن السفر ليست للعمل فقط بل للعيش نهائياً هناك...

- حنان أنا لن أسافر بدونك سوف نتزوج ونسافر معاً أنا أحبك ولا أستطيع العيش بدونك...

- لكن أنا رغم حبي لك وتعلقي بك إلا أنني لا أستطيع العيش في بلد غير بلدي مهما ضاقت السبل هنا وأغلقت الدنيا أبوابها في وجهي. أنا أعيش فيه وما زلتُ أتحسس ترابه، فترابه لوني وهواؤه يملأ صدري عشقاً، وعيناي متكحلتان بليله ونجومه ليكون قمر عمري المضيء أنت تعرفني يا سليم كسمك لا يعيش خارج ماء البحر، وقولي لك هذا لأنني أعلم بأنك سوف تخرج منه ولن تعود. فكيف تريد مني أن أرحل عن دياري التي تحوي حياتي بكل ما فيها...

- وأنا معك حبيبتي وماذا نفعل ونحن لم نتمكن من العيش هنا كما نريد يا حنان؟

- ولكنني سأكون غريبة بدون وطن. مجرد هوية في بلد اخترته ليكون هو الوطن البديل غريبة فيه وهو غريب عني تاركة ذكرياتي وأجمل سنوات عمري وعيون أمي وأبي، أتريدني أن أترك سنوات عمر وأصدقاء وأحباء وأرحل؟ أتريدني أن أرحل من أجل غرض واحد وأترك أغراضاً كثيرة؟ أتريدني أن أنتزع نفسي من كل ذلك من أجل شيء قد ينتهي قبل أن يبدأ؟ حبيبي أرجوك دعك من هذا ولا تدع اليأس ينتصر عليك، حاول وأنا معك حتى آخر العمر.

- لكنْ أنا أعددت كل شيء للسفر...

- إذن لماذا تخبرني الآن وأنت قد حسمت أمورك بدوني وأنت تدرك أن هذا الأمر لا أحبذه ولا أريده؟

سليم أنت تخبرني الآن لترضي نفسك فقط ولكن أحب أن أقول لك شيئاً قبل أن ترحل لتعلم بما أشعر به هذه اللحظة ولتسمع صوت الأنين والوجع في داخلي. هل تسمعه سليم هذه اللحظة؟ إنه يزمجر عالياً في داخلي وأنت تخذلني وتجرحني بموقفك هذا مع أنك تعلم مدى حبي لك. ها أنت تخذلني بعد رحلة حب طويلة في داخلي استمرت أعواماً وأنا أحلم باللقاء. لا أدري إن كان عجزك أو غرورك بأن كل من في وطني لا يفهمك ولا يقدّر طموحك، وربما هذا ما ساعدك على ذلك، أم أن ثمة أسباباً أخرى شجعتك على جرحي بقولك هذا وتخليك عني الآن بالسفر والرحيل. ودليل ذلك أنك تبحث عني من جديد وبموقفك هذا وها أنت وجع بدأ ينتابني وسيسكن داخلي ليكون مساحة من الإرهاق الدائم ومرحلة من العمر ستترك ندباً وجرحاً عميقاً لا شفاء منه. أأنت الآن تودعني أم أنك تقنعني بالمشاركة في الهروب معك؟ ومع هذا فأنت حقيقة ساكنة في قلبي لا أسمح لها بالرحيل. حتى وإن سافرت... ارحل سليم إني أقولها لك الآن واتركني وحدي. إلا أنني سوف أعيش وأنا أحاول نسيان فاجعة فقدانك أيها المسافر في قلبي منذ سنين وفي لحظة اللقاء اخترت الرحيل.

... وداعاً قالتها وخرجت مسرعة مجروحة ليناديها سليم: حنان لا ترحلي... ليكون هو المسافر قبل الرحيل.

الصفحات