أنت هنا

قراءة كتاب إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول

كتاب " إمبراطورية الأكاذيب : مصطلحات الخداع الأمريكي بعد أحداث 11/أيلول " ، تأليف نبال خماش ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

الأدلة السرية 

Secret Evidence

مع انهيار مبنى التجارة العالمي ببرجيه في نيويورك، بدا أن قيم الحرية والمساواة التي كانت الولايات المتحدة تفاخر بها الدنيا لعقود خلت قد انهارت معه، وأصبح للنظام الأميركي الذي كان يعتمد معياراً واحداً يُطبق على الجميع بالتساوي عدة وجوه ومعايير في التعامل مع المواطنين والوافدين نتيجة استخدام الرئيس بوش، الذي جاء بشرعية مشكوك فيها،سلطاته وهالته الحربية لإسكات منتقديه وقمع الحريات المدنية داخل الولايات المتحدة الامريكية · ففي تشرين أول (1 0 0 2) أي بعد مضي شهر على حادث أيلول، تقدم وزير العدل الأميركي جون اشكروفت إلى الكونغرس بأربعة مشاريع قوانين تطالب بمجملها صلاحيات واسعة لأجهزة الأمن والشرطة في أميركا لملاحقة واعتقال المشتبه بهم ومداهمة المباني وغيرها من الإجراءات الأمنية بدون غطاء قانوني أو دلائل مؤكدة تثبت تورط المتهمين بأي نشاط إرهابي·

واحد من هذه القوانين الأربعة أطلق عليه اسم قانون الأدلة السرية أو القانون الوطني للولايات المتحدة الأمريكية Usa Patriot Act الذي وقعه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في 62/01/2 0 0 1والذي أعطى بموجبه مطلق الصلاحية لأي وكالة فيدرالية تنفيذية أن تخل أي منـزل أو مكتب وتأخذ الدليل مع إبلاغ المواطن المتواجد في المكان، لتستخدمه في ما بعد لإدانة القاطن بجريمة ما·كما ألزم هذا القانون المحاكم الامريكية الاستجابة لطلب الشرطة بعدم إطلاق سراح أي شخص مشتبه به احتجز للتحقيق معه بشأن حادثة تتصل بالإرهاب، ويكفي في هذه الحالة أن تدعي الشرطة أن لديها أدلة سرية دون أن تبرزها، بمعنى آخر فإن حجة الاعتقال تحت غطاء الأدلة السرية هي عمليا الاعتقال بدون دليل أصلاً· كما لم يعد مطلوبا وجود إذن من المحكمة لمراقبة أجهزة الهاتف أو البريد الإلكتروني للمشتبه بهم، ولا إلى الاعتراف بالأدلة التي تجمعها المخابرات الامريكية بغض النظر عمَّا إذا كانت هذه المعلومات جمعت بشكل قانوني أو غير ذلك أو حتى إلى الاعتراف بالقرائن التي تجمعها مخابرات الدول الأخرى وأن يكون لهذه القرائن حيثية في الحكم· وقد أصدرت محكمة الاستئناف الامريكية عدداً من الأحكام الخاصة بمشروعية إستخدام الحكومة الامريكية لقانونالأدلة السريةفي عمليات متعلقة بتجميد أموال وممتلكات هيئات وجمعيات إسلامية باعتبارها منظمات إرهابية·

وقد انتقد النائب الأمريكي دنيس كوسينيتش بشكل لاذع قانون الأدلة معتبراً أنه مخالفة مباشرة للدستور الأمريكي، وتساءل: لمَ يجدر بالولايات المتحدة أن تضع جانباً ضمانات العدالة الدستورية؟ كيف لنا أن نبرر بشكل واقعي إلغاء التعديل الأول والحق في حرية التعبير وحق التجمع بشكل سلمي؟··· لا يسعنا أن نبرر استراق الأسلاك في العالم والمراقبة على الإنترنت بدون إشراف قانوني· ··· لا يمكننا أن نبرر منح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية صلاحية استهداف الناس في هذه البلاد بحجة مراقبة الاستخبارات وعمل حكومة تأخذ من الناس حقهم في الخصوصية···(8)

وفي شهر أيار/3 0 0 2 وافق مجلس الشيوخ الأميركي (الكونجرس) على مشروع قانون آخر يقضي بتوسيع صلاحيات مكتب التحقيقات الفيدرالي الـ F.B.I لغايات تسهيل عملية المراقبة السرية للأجانب المشتبه بأنهم يعدون لهجمات إرهابية في الولايات المتحدة، ويكفي وفق هذا القانون أن يشتبه عناصر الـ F.B.I بأي شخص، متورط أو غير متورط، في أنشطة إرهابية أو يستعد لهذا النشاط، لتحصل عناصر الوكالة على تفويض من القاضي لإجراء عمليات مراقبة·

النظام الشمولي البوليسي، سمة التصقت بإدارة الرئيس بوش الصغير، وهي صفة ليس من السهل انتزاعها أو إخفاء آثارها أو حتى نسيانها من قبل المجتمع الأميركي الذي حولته هذه الحكومة من مجتمع مدني إلى شبكة من المخبرين السريين تلبية لدعوة أطلقها مكتب التحقيقات الفدرالي الـ (F.B.I) إلى كل مواطن أميركي تحثهم على التبليغ عن أي سلوك مريب يقوم به: أصدقاء جيران، أقرباء، غرباء··· ليسجل نتيجة هذا التبليغ خلال شهرين فقط، تشرين أول وتشرين ثاني 1 0 0 2، ما يقارب من سبعمائة ألف اتهام معظمها لشرق أوسطيين جرى ترحيل معظمهم دون مراجعة قانونية لأوضاعهم كما تم القبض على نحو 0 0 2 1 شخص، غيرأندائرة العدل الأمريكية فشلت في إقامة دعوى على مشتبه رئيسي واحد· ومع حلول 51/11/1 0 0 2 أقرت السلطات الفيدرالية بعدم وجود أي دليل يدين الأشخاص المعتقلين في هجمات 11 أيلول(9)، لتتحول بذلك الحرب ضد الإرهاب إلى حرب إرهابية ضد كل شخص مسلم أو له سحنة شرق أوسطية· وهذه الوقائع تعيد إلى أذهاننا ما كتبه المؤلف الأميركي بيرترام كروس قبل سنوات حين قال مستشرفاً ما ستؤول إليه الأوضاع داخل أميركا : إن الفاشية ستأتي إلى الولايات المتحدة بوجه ودود، من دون محاكمات، من دون أحزاب ممنوعة رسميا، أو إبطال للدستور، لكن بنفس الحماس القومي والقوانين الدكتاتورية الاعتباطية، والغزوات العسكرية العنيفة(10)·

وكما قالها الرئيس جورج بوش الابن: إما أن تكونوا معنا أو تكونوا ضدنا كأحد أكبر الانتهاكات الأمريكية للسياسة الدولية· جاءت القوانين الأمريكية التي أعقبت هجمات أيلول لتقوض مبادئ الحريات والحقوق الأساسية، وتطبيقات هذه القوانين لم تمنح المواطنين في الولايات المتحدة الأمان المفقود بزعم الناطقين باسم الإدارة، بل جعلت المواطنين اقل حرية بسبب تزايد مظاهر الرقابة على السلوك وحتى على الكلام كأي دولة مستبدة من دول العالم الثالث، وهي دعوة أطلقها رسمياً الناطق باسم البيت الأبيض آري فليشر من خلال تحذيره الشهير: إن على الناس أن ينتبهوا إلى ما يقولون وما يفعلون(11)·

الصفحات