أنت هنا

قراءة كتاب اصوات مراكش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اصوات مراكش

اصوات مراكش

رواية "أصوات مراكش" أقرب إلى معمار موسيقي شديد الرهافة والدقة والجبروت في آن معاً. ونحن على امتداد صفحاته نجد أنفسنا حيال ثلاث حركات متمايزة ومتناغمة تجسِّد روح العمل.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
- تلك الناقة تشبه عمتي، على وجه اليقين·
 
سرعان ما رصدنا وجوهاً أخرى للشبه· امتلأنا تيهاً؛ إذ صادفنا هذه القافلة التي لم يحدثنا أحد بأمرها، أحصينا مائة وسبعة من الإبل·
 
دنا منا صبي، استجدانا بعض النقود، كان وجهه مسوداً، ضارباً للزرقة شأن الحبل الذي أمسك به؛ إذ كان، فيما يوحي به مظهره، حادياً للإبل، واحداً ممن يدعون بـ.الزرق. الذين يقطنون إلى الجنوب من جبال الأطلس· قيل لنا إنهم يصبغون ملابسهم باللون الأزرق فيلتصق بجلودهم، ويجعلهم جميعاً، رجالاً ونساء، زرق الملامح··· فهم بذلك العرق الوحيد الأزرق في الدنيا· بدا حادينا ممتناً للقطعة النقدية، التي نفحناه إياها، حاولنا أن نتعرف من خلاله بعض المعلومات عن القافلة، غير أنه لم يكن يعرف من الفرنسية إلا كلمات قلائل، كانوا من .جولميم. وقد أقبلوا من مسيرة خمسة وعشرين يوماً· كان هذا هو كل ما فهمناه، تلك كانت بلدة في الصحراء على الطريق الممتد جنوباً، فرحنا نتساءل عما إذا لم تكن القافلة قد عبرت جبال الأطلس، وددنا لو عرفنا إلى أين تمضي، فما كان يمكن لأسفل السور أن يكون منتهى الرحلة، وقد بدا أن الدواب تعد نفسها للمزيد من المشاق·
 
حينما عجز الفتى، الذي جمعت صفحة وجهه بين السواد والزرقة، عن الإدلاء لنا بالمزيد، آثر مساعدتنا بأن يمضي بنا إلى كهل مديد القامة رشيقها، يعتمر عمامة بيضاء، ويلقي التوقير من الكافة· كان يتحدث الفرنسية بطلاقة، ورد على أسئلتنا بسلاسة· كانت القافلة من جولميم، وقد أنفقت في الرحلة خمسة وعشرين يوماً حقاً·
 
- وإلى أين تمضي من هنا؟
 
- لن تمضي؛ إذ ستباع الإبل هنا للذبح·
 
- للذبح؟
 
صدمنا كلانا·· حتى صديقي الذي يمارس الصيد في بلاده، بمزيد من الحماسة· رحنا نفكر في الرحلة الطويلة التي قطعتها هذه الدواب، في بهائها المتألق وقت الغروب، في جهلها بمصيرها، بوجبتها التي عكفت على تناولها في سلام، وربما أيضاً فيمن ذكرنا مرآها بهن·
 
- نعم، للذبح·

الصفحات