أنت هنا

قراءة كتاب اصوات مراكش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اصوات مراكش

اصوات مراكش

رواية "أصوات مراكش" أقرب إلى معمار موسيقي شديد الرهافة والدقة والجبروت في آن معاً. ونحن على امتداد صفحاته نجد أنفسنا حيال ثلاث حركات متمايزة ومتناغمة تجسِّد روح العمل.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
لم تكن مشاعره إزاء الرجال الذين قطعوا هذه المسيرة كلها إلا الازدراء، أما عن حادينا الصغير فقد نحاه بقوله:
 
- إنه لا يعرف شيئاً·
 
لكنه أراد أن يعرف من أين قدمنا، فحدثناه على سبيل تبسيط الأمور بأننا معاً من لندن· ابتسم، بدا كأنما اعتراه قليل من الضيق، قال:
 
- كنت في فرنسا خلال الحرب·
 
بدا من تقدمه في العمر أنه يتحدث عن الحرب العالمية الأولى· أضاف مسرعاً، وقد خفض صوته قليلاً·
 
- صحبت بعض الانجليز، لكني لم أستمر معهم، ما عادت الحرب كما كانت قبلاً، ليس الرجل هو الذي يعول عليه هذه الأيام، وإنما الآلة·
 
استطرد متحدثاً عن الحرب بأمور بدت مفعمة بالاستسلام:
 
- لم تعد الحرب كعهدها قبلاً·
 
وافقناه على قوله، بدا أن ذلك قد ساعده على تجاوز كوننا من انجلترا· سألته:
 
- هل بيعت الدواب جميعها بالفعل؟
 
- لا· ليس بمقدورهم بيعها جميعها، سيبقى ما يتخلف معهم، فيمضون به إلى .سطات. أتعرفها؟ هي في الطريق إلى الدار البيضاء، على بعد مائة وستين كيلومتراً من هنا· تلك سوق الإبل الأخيرة، سيباع ما يبقى هناك·
 
أجزلنا له الشكر، فودعنا دونما كبير احتفال، كففنا عن التجوال بين الإبل، فلم نعد نشعر بالميل إلى ذلك· كانت الظلمة قد ضربت أطنابها على وجه التقريب حينما تركنا القافلة·
 
لكن مشهد تلك الإبل لم يفارقني، أمعنت التفكير بها كارهاً، مع ذلك بدا الأمر كما لو كانت علاقة حميمة تربطني بها، منذ عهد بعيد· اختلطت ذكرى وجبتها الأخيرة بذلك الحديث عن الحرب، تعلقت أذهاننا بفكرة ارتياد السوق في المرة المقبلة لانعقاده في يوم الخميس، فعقدنا العزم على أن نمضي مبكرين، ولربما كان يحدونا أمل في أن نتلقى انطباعاً أقل وحشة عن وجود الإبل هذه المرة·

الصفحات