أنت هنا

قراءة كتاب قراءة حديثة في كتاب قديم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قراءة حديثة في كتاب قديم

قراءة حديثة في كتاب قديم

 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 3

2- صغار.. صغار المستثمرين

رغم القوانين الاشتراكية ... ورغم العنف الثوري ... وسيطرة أجهزة الدولة على مداخل ومخارج الاقتصاد القومى ...

ورغم القيادة ( الوطنية )... إلا أن الرأسمالية استطاعت اختراق جميع القوانين والتحصينات التى أنشأتها الثورة من خلال مهاجمة نقط ضعف النظام الذى لم يجد من يدافع عنه .. فأصحاب المصلحة الأساسية الذين كانوا من الممكن أن يفدوه بأرواحهم تم استبعادهم من اليوم الأول وحل محلهم هؤلاء الذين كونوا ثروات ضخمة بعد ذلك مستغلين كل ثغرة ممكنة فى النظام .

إن القيادات الفنية والاقتصادية للقطاع العام وبعض قيادات الاتحاد الاشتراكى ... والعناصر الانتهازية التى اندست فى الأجهزة الإعلامية والبوليسية تحالفوا جميعا مع فلول الإقطاع والرأسمالية المهزومة لنهب مؤسسات الدولة وتكميم الأفواه واستــخدام ( العنف الثورى ) من معتقلات وقوانين استثنائية لضرب حلفاء الثورة بدلا من أعدائها .. وبالحصار الاقتصادي والاعلامى الذى مارسته ( دول المعسكر الإمبريالي ) ... وبميوعة ( المعسكر الاشتراكى ) الذى كان يسعى الى الوفاق وبنزيف حرب اليمن الذى استهلك الاقتصاد ودمر مخزون العملات الحرة وترك أجهزة الإنتاج تنعى الإهمال ... استطاعت قوى الثورة المضادة أن تحتل مراكز الصدارة وتوجه ضربات قاسية وحاسمة الى " الاشتراكية " وتعود بالرأسمالية الطفيلية الجديدة للسيطرة على الاقتصاد القومى .

ولكن كيف حدث هذا ؟؟ .

عندما هربت فلول الرأسمالية القديمة والإقطاع الى أوروبا ودول عربية حيث جمعت حولها أكثر العناصر انتهازية ... لم يكن هناك من يتصور أن فى استطاعتها العودة ثانيا وعندما انضم إليهم صغار المقاولون والموردون المتحالفين مع بعض قيادات القطاع العام لتبدأ حربا ضارية ضد النظام بهدف تدميره من الداخل والخارج ... لم نهتم جميعا لتأكدنا من ثبات وقوة وشعبية الثورة ..

وعندما سافرت الدفعات الأولى من القوات المسلحة لحرب صغيرة محدودة فى اليمن لم يدر فى خلد القيادة السياسية والعسكرية أنها إشارة البدء لتحطيم النظام ...

فالقيادة العسكرية التى منحت الضباط والجنود بعض الامتيازات الصغيرة – فى تصورها – لدفعهم للسفر مثل البدلات والمعافاة من الجمارك للسلع المستوردة معهم و أولوية الحصول على جميع الخدمات الحكومية كتركيب تليفون أو الحصول على شقة لم تكن تتصور أن العائدون سوف يشكلون شرائح جديدة فى المجتمع تستمتع وعائلاتها بدخول أكبر وامتيازات أكثر ولم تكن تتصور أن بقدوم بضائع اليمن المعفاة من الجمارك أطل المجتمع بشكل واسع على منتجات العالم الرأسمالى فبهرته .. استنزفته فى سوقها الاستهلاكي ...و أغرى الطلب عليها العديد من الضباط والجنود بالتجارة فيها وتهريب العملة .

ومن هنا بدأ تغير الاقتصاد القومى ... فالدخول التى ارتفعت من عائد بدلات السفر والتجارة والتهريب امتصها تجار المخدرات والعملة والمضاربون والمقاولون وتجار الحرام والمتعة بعد أن نشطت تجارتهم .

وبدأت الرأسمالية التجارية خطواتها الأولى بعد أن تشكلت من بعض أفراد القوات المسلحة والتجار والسماسرة وصغار المقاولين وموردى الفن التجارى والمتعة الحرام وتجار المخدرات وبعد أن انضم إليهم بعض منحرفى القيادات الاقتصادية والسياسية الذين زادت السلع الاستهلاكية شهيتهم للكسب السريع عن طريق الرشوة واستغلال النفوذ .

لقد تراكمت لدى الرأسمالية الجديدة كميات هائلة من أوراق العملة التى أصدرتها الحكومة دون أن يكون لها رصيد عمل اجتماعي .. وزاد من تراكمها مضاربتهم عليها فى السوق السوداء ... وخلق الأزمات لرفع الأسعار ... رغم رقابة الحكومة... فاستخدمتها ( أى الرأسمالية الجديدة ) فى مجالات الاستثمار المسموح بها فى ذلك الوقت ...

فى شراء ملكيات صغيرة من الأرض وزراعتها فواكه .. وفى المشاركة على تربية الحيوانات والدواجن ... وفى إنشاء صناعات منزلية خفيفة مثل التريكو والخياطة والسجاد ... أو إنشاء ورش صغيرة لانتاج البلاط والنجارة والأثاث ... وفى بناء المساكن الصغيرة على أطراف المدن . – ونشطت بذلك أعمال المقاولات الصغيرة – كذلك فى تجارة المواد والأدوات الاستهلاكية وفى تجارة المخدرات والعملة ... وفى شراء التاكسيات وعربات النقل ... والشقق المفروشة ...

وبدأت أجور الحرفيين فى الارتفاع .. وبدأت القيمة الشرائية للجنيه تنخفض وعاش المجتمع المصرى أزمة اقتصادية أدت لظهور السوق السوداء و إهمال المرافق وشيوع النمط الاستهلاكى كسلوك وتفسخ القوات المسلحة ثم هزيمة 67 .

لقد كانت حرب اليمن أولى نقاط الضعف التى اخترقتها ( الرأسمالية ) و أطلت منها برأسها ثانيا .

الصفحات