أنت هنا

قراءة كتاب قراءة حديثة في كتاب قديم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قراءة حديثة في كتاب قديم

قراءة حديثة في كتاب قديم

 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 5

4- الاستثمار المتوسط

وحارب الجيش المصرى معركة محدودة استرد فيها جزءا من سيناء ثم وقعت القيادة السياسية بعدها معاهدة للصلح مع إسرائيل وتبادل السفراء ... والبضائع ...

وارتفعت الأسعار خلال شهور الى الضعف .. ولم يتوقف بعد ذلك ارتفاعها ... وساد منطق التجار .... اصبح الربح هو الهدف الأول والدافع الأساسى لكل الأنشطة الإنسانية ولم تعد حاجة المجتمع تلق أى اهتمام ... لقد بدأ استنزاف الرأسمالية السافر لكل قطرة من دم الشعب... وحاصرته بقيمها و أفكارها فرضت عليه علاقاتها ونمطها فى الحياة ... حتى أزمتها و أمراضها حتى جنونها وجنوحها .

وتغير الفن والثقافة والمثل العليا والأهداف والقوانين وتم إلغاء الاتحاد الاشتراكى وتكوين الأحزاب وصدر قانون الاستثمار رقم 43 وتعديلاته ثم قانون الشركات المساهمة وسمح بذلك لكبار المستثمرين بأن تعفيهم الدولة من الضرائب والرسوم لخمس سنوات وبمخالفة قوانين العمالة والحد الأقصى للرواتب ... وقاد " الانفتاح العظيم " الى ضرب آخر التحصينات التى أنشأتها الاشتراكية ...مجانية التعليم و العمل عن طريق القوى العاملة ونسبة العمال والفلاحين بالمجالس الشعبية والقطاع العام والتى أصبحت مصدر جدل ومحاولات مستمرة لتعديلها .

لقد كانت الرأسمالية قد أعدت المسرح لقفزتها الأخيرة ... حدث تراكم رأسمالى لعناصر عديدة يسمح باستثمارات أكبر ... تم التخلى السياسى عن الاشتراكية والمعسكر الاشتراكى ... تم وصم الفترة السابقة بالعنف والارهاب وحكم الفرد والبوليسية ... تمت ( ثورة مايو ) ضد ( مراكز القوى ).. وتم قمع الهبات الشعبية " انتفاضة الحرامية " وتكون جيش معد بأحدث أسلحة القمع " الأمن المركزى " وتم التضخيم الإعلامي لحجم الانتصار المحدود ومبادرة السلام وكامب دافيد وتم الانحياز الكامل لأمريكا وفرشت لها السلطة الورود ليحضر مستثمروها بالأموال والخير والتكنولوجيا .. والقروض وحضر من الخارج كل فلول الرأسمالية القديمة ليتحالفوا مع أبناء الطبقة الجديدة من الحكام وقادة العمل الاقتصادى والسياسى ... وليكونوا جميعا طبقة جديدة من الكومبرادوريون أتباع الاحتكارات الأجنبية ... يقتلون الصناعة والزراعة ويغرقون السوق بالمنتجات الاستهلاكية القادمة من كل بقاع الأرض.

طبقة غير متجانسة كونها التجار الذين أثروا خلال الأزمة... ورجال القطاع العام والبنوك الذين تحالفوا معهم ونهبوا مؤسسات الدولة وشركاتها... والوكلاء التجاريون أبناء وأقارب رجال السلطة والرأسمالية القديمة ... والمضاربون بأسعار الأراضى والعقارات والعملة ... وسكان بور سعيد بعد أن أصبحت منطقة حرة وكبار المهنيين الأطباء والمهندسين والمراجعين والاستشاريين والصيادلة والمحامين الذين أصبحت أتعابهم تفوق أى تصور ... ومنتجو الأفلام الهابطة والفن السخيف وشرائط الكاسيت المنحطة .... والمقاولون ... والعائدون من الخارج .

وبدأ استخدام الأموال المكتسبة من تجارة المخدرات والدعارة والبوتيكات والمضاربة بالعملة والأراضى ... فى إنشاء مجمعات زراعية ضخمة لتسمين العجول والدواجن وزراعة الزهور والنباتات الطبية ...وحدائق الفواكه واحتكرت عائلة أو اثنان هذه المنتجات فارتفعت أسعارها بشكل جنونى واستخدمت هذه الأموال فى الصناعات التجميعية والاستهلاكية كمصانع المياه الغازية والمربات والأثاث والأدوات الصحية والملابس والشامبو وكل ما تشاهد إعلاناته فى التليفزيون ...

واستخدمت هذه الأموال فى إقامة الإسكان الفاخر والمتوسط ... و أصبح تملك شقة هو السائد بعد أن كان الإيجار ... وشاهدنا المجمعات التجارية الضخمة ( السوبر ماركت ) والسلع المعمرة كالسيارات و أجهزة التكييف و أحدث موديلات وماركات الملابس والعطور ومهمات التزين والحلى ... واستخدمت هذه الأموال فى إنشاء المدارس الخاصة والمستشفيات السياحية بأسعار فوق طاقة غالبية الشعب .

لقد أصبح العصر الذهبى لكبار موظفى القطاع العام ... فالانفتاح جعلهم يستبدلون ماكيناتهم ويشترون قطع غيار جديدة ويشاركون شركات أجنبية وينشئون شبكات مياه ومجارى وكهرباء وتليفونات ... ويحصلون على عمولات ورشاوى ضخمة ... لقد أصبح العصر الذهبى لموردى هذه الآلات والمعدات من أقارب السلطويين ...

لقد أصبح العصر الذهبى للمضاربين على أسعار الأراضى المعدة للبناء . و لأصحاب الأعمال الاستشارية وللسماسرة ومكاتب التخديم ولبنوك الانفتاح ... والبلطجية والخارجون على القانون .

ومن الطبيعى أن تكون جميع هذه الأنشطة معفاة من الضرائب والا كيف أمكن لهؤلاء أن يراكموا ملايين الجنيهات .

وزادت سرعة التراكم ... لقد استنفذت الرأسمالية كل ما قدمته أمريكا وأوروبا من قروض .. وكل ناتج البترول وقناة السويس وناتج العمل بالخارج ان الرأسمالية الجديدة تمتلك ما لا يقل عن خمسمائة ألف مليون جنيه ... رغم معاناة الدولة من ديون قيمتها سبعون ألف مليون...

وهكذا استطاعت الرأسمالية أن تعدل نمط السلوك الى سلوك استهلاكى سلعى والقيم الى قيم الربح السريع والخطف والفردية ... والفن الى فن رخيص تجارى ساقط .. والمنافسة الى منافسة همجية وحشية ...

واستطاعت الرأسمالية العالمية تصدير أزمتها الاقتصادية الى مصر بعد أن كانت محمية بأسوار عالية من قوانين الاشتراكية ...

وانخفضت قيمة الجنيه أكثر من مرة و أصبح له أكثر من سعر وارتفعت الأسعار عشرات المرات .

فإذا كنت تعيش مبهورا بالسلع التى حولك تدفعك إليها الإعلانات والجيران والأصدقاء ولا تجد مايكفى لشرائها

إذا حاصرتك الغثاثة من كل اتجاه واختلطت عليك القيم وبلبلتك الفلسفات الجديدة ... إذا كنت تعانى من ارتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه الذى كسبته بعرقك ... ولا تجد المسكن أو العلاج أو التعليم أو الملبس أو المأكل ....

إذا كنت مرعوبا من الأمس واليوم والغد ... لا تستطيع أن تتنفس .. فاعلم أن السبب هو تجمع الملايين فى يد الرأسمالية الطفيلية الجديدة التى عرفت تاريخها .

واعلم أننا على أعتاب عصر جديد ستنهار فيه كل المنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة وستتوه فيه القيم مع عصر المليونيرات.

ولكى تنجو من الجنون والأمراض النفسية التى تصبح ظاهرة فى المجتمعات الرأسمالية.

عليك أن تتسلح بقوة الاستغناء.. عليك أن تستغنى عن أنوار المجتمع الاستهلاكى وتطهر نفسك بالعمل الجاد ... وتبحث فى داخلك عن كل ما هو أصيل وعظيم وقوى.

عليك أن تتعالى عليهم ... " أنظر حولك فى غضب وابصق " ... لقد جمعوا ملايينهم من الرشوة ... من تجارة المخدرات ... من الدعارة ... من المضاربة بالأراضى والعقارات ... من الفراخ الفاسدة .. من العمارات المتهالكة و الساقطة ... من العمل كخدام ( للامبريالية ) و ( الرأسمالية العالمية ) من تجارة العملة ... من الدروس الخصوصية .. من المستشفيات الغالية .. من آلام البشر ومستقبل الوطن ومن الديون التى سيدفعها ابنك وابنى فى يوم ما ...أم أن هذا كلام قديم لن يقبله قارئ الزمن الحديث .

الصفحات