أنت هنا

$3.99
الكسيح ينهض

الكسيح ينهض

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2017

isbn:

978-9933-580-33-9
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " الكسيح ينهض " ،تأليف عبد الله خليفة ، والذي صدر عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب : .

فيما كان الضبابُ يمخرُ سماءَهُ، والعصافيرُ تتساقطُ مقتولةً تحت الأغصان، واحدةً بعد أخرى، والمياهُ الرقراقةُ تستحيلُ صفيراً، أخذوهُ للمحكمةِ، يداهُ مربوطتانِ وراءَ ضميرهِ، المحكمةُ فارغةٌ إلا من الوطاويط جاثمةٌ على خشبِ المقاعد، وثمة نساءٌ ساحراتٌ كهلاتٌ قاعداتٌ في الكهوفِ المحفورةِ في الجدران، حدقَ فيه القاضي الطويلُ ذو العويناتِ الصغيرةِ المكبرةِ التي تحيلُ قامتَهُ المتوسطةَ الهزيلةَ عملاقاً ضخماً، قال:

- ماذا تقول يا هارون؟ طالَ الزمنُ بإفادتك؟ انتظرنا عشر سنين لكي تتكلم؟ ماذا حدث؟ قلْ! لا توجدُ أيةُ عقباتٍ ضد الكلام، نحن ننعمُ بالحرية؟ هيا تحدثْ وأكشفْ المستور!

تطلعَ هارون حوله، المتهمون يحدقونَ فيه، تلك الأجسادُ المليئةُ، تلك الوجوهُ النضرةُ، تلك النظراتُ الربيعيةُ، استحالتْ أعشاباً صفراءَ، وجريداً مرتْ عليهِ ريحٌ صرصرٌ عاتية.

قوةُ شلالٍ داخله. إعصارٌ مرَّ على جبالٍ ولبسَ الثلجَ، وصرخَ متفجراً في السماواتِ العلى، وعانقَ محيطاً ساكناً ساخناً، والتهمَ موجاتِهِ في عواصفٍ عاتية. ها هو الأعصارُ يخرجُ من بينِ مسامهِ ودمهِ، ها هو يقتربُ كلاماً من حنجرتهِ. ها هو.. يشققُ جلدَهُ ويحتضر.

- ماذا تنتظر؟ هيا تكلم!

لكنه في القاعةِ الواسعةِ في بيته، المقاعدُ الوثيرةُ، والطاولاتُ الفخمةُ التي تحتضنُ الصوانيَّ المليئةَ بالفواكه والمأكولات، الجوُّ أثيريٌّ باردٌ، الضيوفُ يتحدثون ويتجاذبون قنابلَ الكلام ساحبين الجثثَ للثلاجات، صراخٌ هنا، وشوشاتٌ مسماريةٌ هناك، مساوماتٌ على مومسٍ قربه، صديقٌ لدودٌ يحاذيه ويطمئنُ على صحتهِ، عدوٌ لطيفٌ يتأكد من إستمرارِ مرضه، والأيدي كلها تأكلُ لحمه.

لا تزال شوكُ المحكمةِ مغروزةً في ضلوعه، كلما أحتكتْ بجنباتِ ضميرهِ صعدَ ألمٌ، المتهمون يمدونَ له أذرعَهم من على بُعدِ جبلٍ ولكنها تطولُ كسككِ الحديدِ، صافراتها تضجُ، وتصلُ سريرَهُ، وامرأتهُ تعدلُ الوسادةَ كلَ ليلةٍ بدون فائدة، المتهمون من عصـي الريف، لم يأبَهَ بهم أحد، في كلِ مرةٍ يُقاد للمحكمة يراهم يتقلصون، يذوبون، لكنهم يتضخمون في كوابيسه.