أنت هنا

$5.99
خبز وشاي

خبز وشاي

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2016

isbn:

978-9957-585-94-5
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " خبز وشاي " ، تأليف أحمد الطراونة ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .ومما جاء في مقدمة الكتاب .

لحيته الصغيرة ترتجف عندما يمضغ الحديث، شعره الأشعث يتناثر على حواف رأسه الصغير الذي يبدو مبلولاً، يتخلّله ضوءٌ تشـرد من جنبات خربة عتيقة، فيعكس عليه مسارات غامضة توحي بسيرةٍ غريبة الأطوار.

وجهه الشاحب -شحوب الموت- يختزل فضاءً واسعاً من الحزن والخذلان، لكنه لا يخلو من نفورٍ في الجبهة وضيقٍ عند المنكبين لغياب الرقبة التي توصل رأسه التائه بجسده الذي يفرد ما تبقّى من عضلاته في هياكل الأموات.

أشعر بالخوف والغربة عندما أتحدَّث إليه.

تثنّى قليلاً ثم تنهَّد بعد أن غاص جسده في العتمة أسفل حفرة مستطيلة لا تشبه إلا القبر، اختلطتْ خشخشة جسده الزاحف بأنفاسه التي تشبه صفير الشجر، أضاء مصباحاً صغيراً كان معلقاً في صدره.

رفعَ رأسه إلى الأعلى، غرس عينيه اللتين تشبهان أزرار قميص وتموءان داخل محاجر واسعة في السماء، علا لهاثه، همَّ بالحديث، لم يستطع، أعاد يده في جيب معطفه العسكريّ القديم ليُخرج غليونه الأزرق ليشهق منه، رفع رأسه من جديد:

«يا رزّاق يا عليم، ارزق هؤلاء الأيتام، أنتَ الذي تعرف حالهم، ليس لنا غيرك».

كانت كلماته الناشفة تتناهى إلى مسامعي كثغاء ماعزٍ جبليٍّ مرهَق، وعيناه اللتان انطفأ بريقهما في لجّة العتمة تخترقان أجفانه المتهدِّلة كجمرات صغيرة تنوس في آخرها النار كلما هبّ بعض الهواء.

شعرتُ حينها بشعورٍ غريبٍ تجاهه، لقد تماهى مع الموت وروائح المقابر حتى وصف أولاده بالأيتام، اختلطتْ مشاعري وتعاطفتُ معه للحظة، لكن سـرعان ما تلاشى هذا الشعور.

حين مدّ يده على حافّة الحفرة يبحث عن الخنجر، ظهرَتْ أصابع يده الطويلة تتخلّل التراب كأرجل عنكبوت غرق في طينٍ لزج، تناول خنجراً صغيراً وهو يتنهَّد، راح يقطع أرضيّة الحفرة المستطيلة شيئاً فشيئاً..