أنت هنا

قراءة كتاب إنهيارات رقيقة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إنهيارات رقيقة

إنهيارات رقيقة

كتاب "إنهيارات رقيقة" للصحفي والكاتب الفلسطيني هشام نفاع، هو بأكورة أعماله الأدبية الصادرة عن دار "راية للنشر والتوزيع" في مدينة حيفا، هو كتاب يحوي تساؤلات يكثر فيها العمق والبعد الفلسفي من خلال "جداد" ربما يكون حقيقًا وربما وهميًا. 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
ما الذي فاجأه بعد سهرة عادية جدًا
 
كان جَدّاد بحاجة للتدقيق فيما ملأ ناظريه. كان عليه بذل جهد مضاعف ليُطلّ على هذه الغرابة المريعة التي جمـّدت جسده وسمـّرت شعره هلعًا.
 
أرعبه ما رأى حين حدّق النظر، وهو الذي يمرّ أصلا بتجربة جديدة في النظر من خلال عينيه المدعّمتين بعدستين خفيفتين خفيـّتين غطتا بؤبؤيه ولونهما الأول، كما يليق بكل من حظي بنعمة النشوء والارتقاء، والوصول حتى هذا العصر السعيد أسوة بسائر جموع الشرّائين الكرام.
 
فقد كان رمى بالنظارات الطبية قبل شهر في دُرج مخصّص لفواتير الكهرباء والماء والهاتف الخلويّ وتلك الأوراق التي صار يمكن رميها.
 
لماذا يمكن رميها؟
 
بسيطة، لأن الحاسوب بات قادرًا على أن يجود بعشر نسخ من أية ورقة مهما بلغت أهميتها في عشر ثوانٍ فقط بمجرّد كبسة زر واحدة.
 
الحقيقة، أكثر من كبسة واحدة. ولا حاجة للمبالغات الروائية الركيكة من أوّلها.
 
الطريف في الأمر، أن ذلك الدّرج الذي احتضن النظارات والذي حلّ عصر اخلائه من الوثائق المكتوبة بسبب الوفرة الكبيرة لمثيلاتها الالكترونية، كان الدّرج الثالث من الأعلى الواقع تحت طاولة الحاسوب من جيل XP. وهكذا، بصمت بالغ، تحوّلت هذه المساحة الضيّقة الى بؤرة صدام بين الحضارات: حضارة التوثيق التقليدي للأوراق المنذرة بالإصفرار، وحضارة التوثيق الرقمي التي تعرض عليك تشكيلة لانهائية من ألوان الطيف التي لا تبهت لأنها ليست حقيقية 100%، وهذه مسألة شائكة لن نخوضها هنا لأنها تعرّضنا لمخاطر الفلسفة.
 
جدّاد كان غطى بصره بالعدسات منذ التمعت بصيرته بهذه الفكرة العصرية بوحي صورة الشاب العصريّ التي تطلّ من الإعلان المنشور على الصفحة الخامسة في العدد الخاص بعنوان «شبح العولمة يهددنا» من الملحق السياسي لصحيفة «الساحة». الصادرة عن «الشركة اليسارية الجديدة م. ض.».

الصفحات