أنت هنا

قراءة كتاب بيان الفردوس المحتمل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيان الفردوس المحتمل

بيان الفردوس المحتمل

كتاب "بيان الفردوس المحتمل" للكاتب الفلسطيني عبد عنبتاوي، الذي يقول في مقدمته: "ليس هذا التمهيد مُجرّد مُقدِّمَة لولوج النصّ، بل جزء عُضويّ منه وفيه، فهو عُنصر حيويّ ومُؤسِّس من مَضمونه وشكله، من معناه ومَبناه..

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
فهذه الوصايا تُوَجَّه أساسًا لِمَن يَحْتفي بالحياة، لا لِمَنْ يحتفل بها وفيها، وقَطْعًا ليس لمن اختارَ نقيضَها.. فمنذ ما قبل إعلان «موت الله» مات «الانبياء» والرُّسُل، فَما عاد «المُرْسِلُ» يُرْسِل رُسُلاً، وقد توقَّفَتْ عملية «إنقاذ البشرية»، أو محاولة خَلاصها «السَّماوية»، مُنذ قرون، ولم يَعُد مِنْ مُرْسِلٍ ورسولٍ ومُنقذٍ للإنسانية، سوى الإنسان ذاته..!؟
 
وتأتي هذه الكِتابة لتبدو نَوْعاً من «إعلان النُّبوَّة»، لكنها نُبوّة من نوع آخر، من نوع مُختلِف حتى النقيض.. فهي تنطِلق من الأرض، «هذه المرَّة»، وليس فيها مُرْسِلٌ وأنا لستُ برسول، رغم أنها تحمل الرِّسالة.. رسالة تخلو من تَبْشيرٍ ومواعِظ ومُعْجِزات، لكنها تزدَحِم بالإشارات والدَّلالات نحو البَدائِل والاتجاهات.. رسالة ترفُض دعوات الطاعة والسَّكينة والموت، وتدعو للتمرُّد والثورة والحياة.. رسالة الخَلاص الحقيقي، الفردي والجماعي.. رسالة تَقْضي في جوهرها الى الاعتماد على الإنسان، الحقيقي والطبيعي، وتهدِف الى إنقاذه من جهله ومن ضعفه، من تَسْطيحِهِ وتَدْجينِهِ، من محدوديَّتِهِ ومن ذاتِهِ، تهدِف الى إنقاذ الإنسان الإنسان من بشريَّتِهِ..
 
إنها آيات غير مُقَدَّسَة، وليست «مُنَزَّلَة» بل مُرفَّعَة عن التنزيل، تنطلق من الارض، وتصلُح لأبناء الحياة في كلِّ مَكانٍ وزَمان.. وهي لا تَدّعي أنها دين بديل ومختلِف، إنها أبعد من ذلك وأرْفَع.. وهي تعتمِد على أقانيمٍ مِحْوَريّة ثلاثة: الحياة، الإنسان، الإقْتِدار، وتخلو من الطّقوسِ والشَّعَائِر..
 
إنها آيات إنسانية، لا رَبّانية وغير شَيْطانية.. وهي مُوَجَّهَة الى أولئك الذين يُؤمِنون بأن حياة الإنسان لم توجَد لكي يقبَل وينتقِد فحسب، إنما لكي يبدأ ويخلِق كالربّ، ففي كُلٍّ مِنّا قُدْرَة «الآلِهَة»، لكن أكثر الناس لا يعلمون، وإن علموا فإنهم لا يعملون..
 
وقبل هذا وبعده،
 
إنّ الصَّدَأْ، كحالةِ تَأَكْسُد، لا يصيب المادة فحسب، بل الكلام والكِتابة والأفكار، ومن ثَمّ العمل أيضاً..سيّما عندما نكتب أكثر مما نقرأ، ونقول أكثر مما نفهم ونُفكر، ونَدّعي أكثر مما نستطيع، فيحضر الصّمت مُحَمَّلاً بعواصِف السُّكون وهموم المَكنون..

الصفحات