أنت هنا

قراءة كتاب الأعمال القصصية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأعمال القصصية

الأعمال القصصية

"الأعمال القصصية"؛ رغم ان بعض هذه المجاميع الست التي يضمها المجلد قد طبع أكثر من مرة سواء في بغداد أو بيروت أو دمشق أو القاهرة فإن طبعاتها قد نفذت كلها وأصبح العثور على نسخة منها أمرا متعذرا·

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
  • الصوت العقيم
     
    خيولنا متعبة ونفوسنا أكثر منها تعبا ونحن محاصرون الآن، نحن محاطون بعدو يفوقنا بسلاحه وعزيمته وفي صدره تعتلق نار الثأر من رقابنا التي انتصبت بالنصر طويلا··· وبعد قليل ستتوالى على جسدي الطعنات وسأنتهي بين سيوفهم فلا انتصاراتي الماضية تنتشلني ولا رغائبي ولا انطلاقتي المشؤومة، سأموت بعد قليل وهنا الفجيعة الكبرى، لكن الذي يحز في نفسي بأن كلماتي واقفة في العراء ولن تجد الصدر الذي يضمها بحنو·
     
    درت برأسي ولكن بلا جدوى فأنا معزول تماما تنكرني حتى أعضائي· لمن هذا الركام من الكلمات المخضبة التي ترهق حنجرتي؟ لمن يا أماه؟
     
    لم يسمعني أحد من قبل فقد قضيت العمر بائسا مواويلي تموت دون أن يترنم بها جريح·
     
    يا أمي لقد نسيت حتى وجهك لكنني لا أزال أتحسس رائحة ثدييك وأتذكر بأن لي أما بين نساء الأرض تبكي غيابي وتشعل لآلهتها الشموع من أجلي وتقدم لهم القرابين والنذور، لكن الآلهة أخفوا وجوههم عنك فلقد أتعبتهم معصياتي وذنوبي لذا لن تبصري وجهي بعد الآن، لن تجديني، فبعد قليل ستتوالى على جسدي طعنات الأعداء وفي لجة الموت أقذفك بآخر كلماتي فيقتحم جدرانك الحنونة نبأ مصرعي، وبعد فوات الأوان ستدركين من كان ابنك؟
     
    لقد تساوت التناقضات في رأسي وجزعت رسالتي وأنا الآن متعب جدا، وسهم هارب جبان كفيل بأن يكتم آخر أنفاسي وأخرُّ صريعا تحت حوافر خيول الأعداء·
     
    كنت قاتلا وكفى، أما في عرف أتباعي فقد كنت قائدهم الصلب، لكن سري لن يدركه هؤلاء الأغبياء، لماذا قتلت وقاتلت؟ لماذا يا أمي؟
     
    إنه التساؤل المرير الذي عذبني وأخفيته في داخلي وجوابه سري الذي لن يدركه الآخرون·
     
    لم أسكر وحقك منذ مدة طويلة، حتى هذه المتعة الرخيصة حرمت منها فالقتل قد استنفد وقتي كله، أقتل وأقتل وهذا الجرح الذي يتوسط ساعدي من بقايا معركة البارحة لن يعيقني عن خوض المعركة القادمة، كل شيء ممسوخ هنا والقتل هو الحقيقة الوحيدة·
     
    قبل أن أحمل سيفي أريدك أن تسمعيني فلم نتحدث منذ سنين طويلة، حديث ابن لأمه ولأبدأ يا أمي بحبي وخفقات قلبي الأولى فخيولنا متعبة ونفوسنا أكثر منها تعبا وأعرف جيدا بأنك حزينة الآن وأنت فوق سطح بيتنا تنتظرين أخباري فلا أحد غيرك ينتظرها ولذا كتبت إليك·

الصفحات