أنت هنا

قراءة كتاب نور القمر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نور القمر

نور القمر

رواية "نور القمر" للروائية السودانية أميمة العبد الله، هذه الرواية التي غزت العالم العربي ولم تستطع كاتبتها الحصول إلا على ثلاثة نسخ منها؛ رواية تمرّد نصها الروائي على مستوى الشكل، واعلن تمرده على أشكال وطقوس السرد كما تمارس في حضرة السلطة والثقافة السائدتي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
في البدء خفت كثيرا لظني أن هذا المكان سيبتلعنا مع ذهاب الضوء، أزدادُ التصاقا بأمي ليلا مستلقية على بطني بنوم متقطع وأنفاس غير منتظمة، رغم أننا كنا ننام في مجموعات قريبة من بعضها، في الصباح قال سيدي:
 
- هذه الأراضي ليست ملكا لأحد من يعمر يأخذ ويمتلك.
 
بمرور الأيام تقلص خوفي بفضل عناية أمي والبقية، قالت لي أمي ونحن جلوسٌ تحت جهدها الذي أثمر:
 
- يا بنتي المصائب توحد الكل ونحن اتحدنا جميعا وواجهنا الصعاب.
 
عمل الجميع بجهود عظيمة لاستصلاح الأراضي وقطع الأشجار، والتخلص من الطفيلي منها، واستحداث أحواض لاختبار نمو بذور جديدة وإنشاء مجاري للمياه العذبة، هكذا بدأ التعمير.
 
جمع سيدي الصغير الكل وتحدث طويلا عن أهمية العمل في جماعات، أندهش كيف يأتيه الكلام تباعا، وبذات القوة والحماسة استمر تشجيعه لنا قال:
 
- تأسيس جزيرة كهذه يحتاج لنا جميعا.
 
عمل الرجال على قلتهم بجهد خرافي مستمدين طاقتهم من حبهم لوالد سيدي الصغير، بعضهم خاض مع ذلك القائد المعارك والبقية من أصلاب الراحلين شهداء، كان سيدي الصغير ينظر إلى الأرض بودّ حدّ أنني كنت ألمح بعض اللمعان بعينيه، هيئته تلك ظلت راسخة في أعماقي زمننا طويلا دون أن أنتبه لها إلا عندما بدأت أفكر في كتابة سيرتي هذه.
 
به شيء من وقار السلاطين ورصانة الحكماء، تميز بحسن الكلام وإتقان الصمت.
 
أقمنا مساكنَ صغيرة بلا سور من الطين والقش مستعينين بخيوط طويلة لتقسيم المساكن وتخطيطها وتحديد الشوارع حتى تكون واضحة المعالم ولا تفضي إلى متاهات، بنوا جامعا صغيرا للصلاة والشورى، كانت شئون الجزيرة تدار من ذاك الجامع، الكثير من العمل كان بانتظار الجميع، الاستقرار بمكان ما يتطلب الكثير خاصة لجديدي عهد به مثلنا.
 
تحمل سيدي الصغير العبء الأعظم من تخطيط بيوت إلى تعليم الأيدي التي لم تكن تعرف غير السيوف وكيفية استعمال المالطة لقطع الأشجار والنبرو لإعدام الحشائش، الآخرون كانوا يعملون في بناء مساكن، المالطات تعمل طيلة النهار والجزء الأكبر من الليل، السيد الصغير كان يقول لا تقطع الأشجار إلا لضرورة كهذه.

الصفحات