أنت هنا

قراءة كتاب يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول

يوميّاتُ شَفَقِ الزَّغْلُول

"يوميّات شفق الزّغلول"  نصّ طويل يعيد نسج الكينونة الفلسطينيّة المتمزّقة بفعل الحدود وألعاب السّياسة والجغرافيا، بالإضافة إلى محاولته تأريخ هذه الكينونة بكلّ ثقلها المادّيّ والرّمزيّ بأسلوب استعاريّ لا يُلغي البُعد التّسجيليّ الوظيفيّ.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
نُتَفُ الأيّام الأولى
 
سيناريو أوّل
 
يوم الاثنين الثّاني
 
زهيّة ذات العينين البنّيّتين والبشرة البيضاء، هي المستفيقة على سقاية حوض نبات السّجّادة البنّيّة المتّشحة بالأخضر الزّيتونيّ. ومرصوص بجانب الحوض أصص الياسمين الّتي تؤثّث الحواشي المندلقة بابتسامة حنين عند زاوية الفم.. كانت أوّل الأوراق قد كتبت في 24/7/2006- 14/8/2006، وموسومة بنتف الورد، من هنا وهناك:
 
في زمن الحروب يضحى الإنسان المعجون بكومة المشاعر والغرائز، المجبول بروح وفكر ومُكْتَسَبٍ.. يضحى الإنسان المقتول رقمًا لا غير.. عددًا مضافًا إلى أعداد سابقة وأخرى قادمة..
 
في اليوم الثّامن للحرب: قالت لي صديقتي المتأجّجة بالحياة والمغامرات والضّحكات- من هناك: أنا ما زلت على قيد الحياة.. لقد حُرِق بيتي وهربت منه.. هربنا منه في لحظتها.. ونحن في ثياب النّوم، أتدرين كان يجب أن أبقى فيه لأحترق وإيّاه..
 
صمتُّ.. ثمّ قلت: سينتهي هذا الكابوس لنحتمل معًا..
 
قالت: نعم سنفعل..
 
هنا وزّعت الأمّ التّمر والفاكهة المجفّفة على روح فلذتيّ كبدها ربيع ومحمود عبد الرّحيم طلّوزي.. وقالت لنا نحن النّساء المحتشدات في بيتها الكائن في حيّ من أحياء النّاصرة العتيقة الصّامدة ببيوت حجريّة متواضعة جدًّا: حالي كحال كلّ الأمّهات اللاتي فقدن أبناءهنّ في الضّفّة والقطاع وفي لبنان.. هدى هناك بقيت وحيدة دون أحد.. كانت مع رمل الشّاطئ ودموع البحر في غزّة.. وأنا هنا ما زلت أمًّا.. سأكون كذلك من أجل أولادي الباقين.. شكرًا للّه الّذي يحتفظ في جنّته هناك بهما.. "سآتي إليكما.. لكنّني لا أعلم متى؟ إنتظراني.. كلّنا سنأتي.."
 
في اليوم التّاسع للمجازر المترامية، ألتقط سمّاعة الهاتف وأنا في ناصرتي المكلومة بطفلين، لأسمع صوتًا قادمًا من هناك، يعزّيني ويقول لي: إهتمّي بنفسك وكوني بخير مع عائلتك، نحن هنا صامدون.. لا تقلقي علينا، نحن معتادون على الحروب والدّمار والتّشرّد.. لتصمدوا مثلنا هناك..

الصفحات