أنت هنا

قراءة كتاب المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

كتاب " المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة " ، تأليف  محيي الدين محمد عطية ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

ثانيا:منافع الحج والعمرة وفوائدهما

يقول الله تعالى: { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}([94]).

لقد بحث العلماء عن هذه المنافع فقالوا: لا بد أن تكون هناك منافع متعددة، ولا شك أن أعظم المنافع كون العبد يتقرب إلى الله تعالى بهذه القربة وبهذا المنسك، ويطلب من الله تعالى الثواب والأجر. وقد عدّد العلماء للحج منافع عدة ، ولا بد أن تجتمع هذه المنافع كلها في هذه المناسك.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَـهُمْ} منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا، فما يصيبون من منافع البُدن، والربح، والتجارات ([95]).

وذكر الإمام البغوي رحمه الله ما حاصله:العفو والمغفرة،وقيل: التجارة، وقيل:الأسواق،وقيل:التجارة وما يرضى الله به من أمر الدنيا والآخرة([96]).

ولأهمية معرفة منافع الحج، والحكمة التي شرع من أجلها، فإننا نحب أن نذكر شيئا من هذه المنافع، علَّ الله أن ينفع بها:-

أولاً: تعظيم شعائر الله وحرماته، وهذه المنفعة من أعظم العبادات لله تعالى، قال الله عزوجل: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب }([97]) ، وقال جل وعلا: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ }([98]) .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله } أي ومن يجتنب معاصيه ومحارمه، ويكون ارتكابها عظيماً في نفسه { فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} أي فله على ذلك خير كثير، وثواب جزيل، فكما أن على فعل الطاعات ثواب كثير وأجر جزيل، كذلك على ترك المحرمات والمحظورات"([99]).

ثانياً: مغفرة ذنوب الحاج ورضوان الله عليه، فيرجع إلى وطنه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه، إذا كان متَّقياً ربه في حجِّه: بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وقد تقدم في فضائل الحج والعمرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه"([100]).

ثالثاً: مضاعفة الصلوات في الحرم من المنافع العظيمة؛فإن الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "...وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه"([101]) وهذا ثوابه عظيم؛ فإن من صلّى يوماً واحداً خمس صلوات، كانت أفضل من خمسمائة ألف صلاة، فتكون أفضل من الصلاة في مائتين وإحدى وثمانين سنة وستة أشهر تقريباً؛ لأن المصلي إذا صلَّى خمس صلوات، كان ذلك عدد الصلوات في اليوم، فيكون بمائة ألف يوم تقسيم ثلاثمائة وخمسة وخمسين يوماً، عدد أيام السنة القمرية، والناتج يكون عدد السنين هكذا 100000 يوم ÷ 355 يوماً = 281،69 سنة، وهذا فضل عظيم، وثواب كبير جليل، لمن وفقه الله تعالى للخير([102]).

رابعاً: أداء الشكر لله تعالى؛ فإن في الحج يؤدي العبد بعض الشكر لسلامة البدن من العوارض المانعة من الحجِّ و غيره، وشكر نعمة المال، وشكر نعمة الفراغ، وشكر نعمة الحياة، وشكر نعمة القوة والشباب، وهذه النعم من أعظم ما يتمتع به الإنسان من نعم الدنيا؛ لأن الإنسان بهذه النعم: يجهد نفسه، وينفق ماله؟، ويشغل وقته، ويغتنم حياته وقوته، في طاعة ربه، والتقرب إليه ومعلوم أن شكر الله تعالى على نعمه من أعظم العبادات التي ينال بها العبد الثواب والزيادة من فضل الله عزوجل، قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }([103]) .

خامساًً: الحج أعظم مؤتمر بشري تجتمع كلمة أصحابه الصادقين على البر والتقوى ، فتذوب الفوارق بين الناس: فوارق اللون والجنس، وفوارق اللسان واللغة، وفوارق الغنى والفقر، وفوارق الجاه والسلطان: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ}([104]) .

سادساً: الحج يذكّر المسلم بالموت والانتقال إلى الآخرة، وذلك إذا تجرَّد الحاج من ثيابه، ولبس الإحرام الذي يشبه الأكفان، ورأى: بأن الرئيس والمرؤوس، والملك، والوزير، والغني، والفقير، والعربي، والأعجمي، والأسود، والأبيض، والصغير، والكبير، كلهم لباسهم واحد، ولا فرق بينهم في ذلك ، وهذا يُذكِّر بخروج الإنسان من الدنيا، ولا يحمل معه إلا هذه الأكفان، التي تبلى بعد ذلك سريعاً، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } ([105]).

سابعاً: الحج يذكِر بيوم القيامة؛ لأن الحاج إذا رأى جموع الحجاج قد جاؤوا من كل فجٍّ عميق، ومن كلِّ طريقٍ بعيدٍ، في صعيدٍ واحدٍ، في يومٍ واحدٍ، بلباسٍ واحدٍ، بأعدادٍ كثيرةٍ هائلةٍ، ذَكَّره بهذا اليوم العظيم، ولان قلبه، واستعدّ للقاء الله تعالى. والله المستعان.

ثامناً: الصلة بالله تعالى، والتقرب إليه، ؛ لأنه في هذه العبادة: يركب الأخطار، ويقطع الطرق الطويلة، ويشق الأجواء يرجو رحمة ربه، ويخاف عقابه سبحانه، فما أحراه بالثواب الجزيل، والأجر العظيم، من المولى الكريم U([106]).

تاسعاً: لا شك أن من فوائد الحج اتصال المسلمين من جميع أقطار الأرض في مواسم الحج، بعضهم ببعض،وتعاونهم في مصالحهم فيحصل بذلك الخير الكثير، والتشاور في كثير من أمورهم، وتعاونهم في مصالحهم العاجلة والآجلة، واستفادة بعضهم من بعض، وتوحيد كلمتهم على الحق، وكل ذلك من جملة منافع الحج التي أشار إليها تعالى بقوله([107]): {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَـهُمْ } ([108]).

عاشراً:التعلم،والتعليم،ونشر الدعوة والخير بين الناس ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأسلوب الحسن، والحكمة والموعظة الحسنة([109])،كما قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْـهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }([110]) .وكل ما تفعله مما ينفع الناس من قولٍ، أو فعلٍ، أو صدقةٍ، أو غيرها مما شرعه الله أيضاً من التزود بالتقوى التي هي خير زاد، كما قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}([111]) ،داخل في المنافع، فينبغي للحاج أن يستغل هذه الفرصة العظيمة ... "([112]).

حادي عشر: أعظم المنافع تحقيق التوحيد ونبذ الشرك؛ لحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: حجة الوداع، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه جمع غفير عند إحرامه من ذي الحليفة، قال جابر رضي الله عنه ، فنظرت إلى مدِّ بصري بين يديه من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله عليه الصلاة والسلام بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد: "لبَّيْك اللهمّ لبَّيْك، لبَّيْك لا شريك لك لبَّيْك، إنَّ الحمدَ، والنِّعْمَةَ لك والـمُلْكَ، لا شريك لك"([113]).

الصفحات