أنت هنا

قراءة كتاب المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

كتاب " المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة " ، تأليف  محيي الدين محمد عطية ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 6

5- المسح على الجبائر:

الأحاديث التي وردت في الجبائر قال جماعة من أهل العلم: إنها ضعيفة([190])، ولكن ذكر العلامة ابن باز رحمه الله أن أحاديث الجبائر مع أحاديث المسح على الخفين تدل على شرعية المسح على الجبائر؛ لأن المسح على الخفين للتيسير، فالمسح على الجبائر أولى بالشرعية؛ ولكونه ضرورياً لم يشرع فيه التوقيت([191])، ويفارق مسح الجبيرة مسح الخف من وجوه:

الوجه الأول: لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرر بنزعها، والخف خلاف ذلك.

الوجه الثاني: يجب استيعابها بالمسح إلا ما زاد على محل الفرض في الوضوء؛ لأنه لا ضرر في تعميمها به بخلاف الخف فإنه يشق تعميمه بالمسح، فيجزئ فيه مسح بعضه كما وردت به السنة([192]).

الوجه الثالث: يمسح على الجبيرة من غير توقيت؛ لأن مسحها لضرورة فتقدّر بقدرها.

الوجه الرابع: يمسح عليها في الحدث الأصغر والأكبر بخلاف الخف؛ فإنه لا يمسح عليه إلا في الأصغر.

الوجه الخامس: لا يشترط تقدم الطهارة على شدِّها على القول الراجح بخلاف الخفّ([193]).

الوجه السادس:الجبيرة لا تختص بعضو معين والخف يختص بالرِّجل([194]).

أما كيفية المسح على الجبائر:

إذا وُجِدَ جرح في أعضاء الطهارة فله مراتب:

المرتبة الأولى: أن يكون مكشوفاً ولا يضره الغسل، فيجب غسله.

المرتبة الثانية: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل والمسح لا يضره، فيجب مسحه.

المرتبة الثالثة: أن يكون مكشوفاً ويضره الغَسلُ والمسح، فحينئذ يشد عليه جبيرة ويمسح عليها، فإن عجز فهنا يتيمم له.

المرتبة الرابعة: أن يكون مستوراً بجبس، أو لزقة، أو جبيرة، أو شبه ذلك ففي هذه الحال يمسح على الساتر، ويغنيه عن الغَسل([195]).

25- إذا دخل وقت الصلاة، ولم تجد الماء،أو كان معك ماء قليل تحتاجه لأكلك وشربك أو خفت ضياع الرحلة ،أو فوت الرفقة، أو حال بينك، وبين الماء عدو، أو أي خوف، أو مرض تيمم بتراب طاهر، أو ما كان من جنس الأرض، كالرمل، و الحجر، ويكون بضربة واحدة بكفيك على الأرض ثم تنفضهما، أو تنفخ فيهما، وتمسح بها وجهك ،وظهر كفيك إلى الرسغين، وليس عليك استيعاب الوجه ،ولا الكفين، ولا تمسح ذراعك، ولا رأسك، ولا رجلك، ولا شيئاً من جسدك، وصلّ بالتيمم فريضة واحدة وما شئت من النوافل وكل ما ينقض الوضوء ينقض التيمم لما روي عن عمار رضي الله عنه أنه قال "أجنبت فلم أصب الماء فتمعكت([196]) في الصعيد، وصليت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يكفيك هكذا وضرب النبي e بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه"([197]).

26- السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر، والوتر؛ لحديث حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتةٌ نحوَ([198])حيثُ صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله عليه الصلاة والسلام في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }([199]). أما سنة الفجر، والوتر فلا تُترك لا في الحضر ولا في السفر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في سنة الفجر أن النبي صلى الله عليه وسلم "لم يكن يدعهما أبدًا"([200])؛ ولحديث أبي قتادة t في نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في السفر عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، وفيه: "ثم أذن بلال الصلاة فصلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم"([201]).

وأما سنة الوتر؛ فلحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته". وفي لفظ: "كان يوتر على البعير"([202]).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وكان تعاهده r ومحافظته على سنة الفجر أشد من جميع النوافل ولم يكن يدعها هي والوتر سفرًا ولا حضرًا... ولم ينقل عنه في السفر أنه عليه الصلاة والسلام صلى سنة راتبة غيرهما"([203]).

وأما التطوع المطلق فمشروع في الحضر والسفر مطلقًا،مثل:صلاة الضحى، والتهجد بالليل، وجميع النوافل المطلقة، والصلوات ذوات الأسباب: كسنة الوضوء، وسنة الطواف، وصلاة الكسوف، وتحية المسجد وغير ذلك([204]).

قال الإمام النووي رحمه الله: "وقد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر..." ([205]).

27- إذا نسيت صلاة الحضر فذكرتها في السفر فعليك أن تصليها صلاة حضر تامة من غير قصر إجماعًا؛ لأن الصلاة تعيَّن عليه فعلها أربعًا، فلم يجز له النقصان من عددها؛ ولأنه إنما يقضي ما فاته وقد فاته أربعٌ، وأما إن نسيت صلاة السفر فذكرتها في الحضر، فقال الإمام أحمد: عليه الإتمام احتياطًا، وبه قال الأوزاعي، وداود، والشافعي في أحد قوليه، وقال مالك والثوري وأصحاب الرأي: يصليها صلاة سفر؛ لأنه إنما يقضي ما فاته، ولم يفته إلا ركعتان([206])، والله عزوجل أعلم([207]). وإن نسيها في سفر وذكرها فيه أو ذكرها في سفر آخر قضاها مقصورة؛ لأنها وجبت في السفر وفُعلت فيه([208]).

28- يصح التطوع على المركوب في السفر: من راحلة، وطائرة، وسيارة، وسفينة وغيرها من وسائل النقل، أما الفريضة فلابد من النزول لها إلا عند العجز؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ "برأسه" إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته ، وفي لفظ: "غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة"([209])؛ ولحديث عامر بن ربيعة t قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به". وفي لفظ: "ولم يكن رسول الله عليه الصلاة والسلام يصنع ذلك في المكتوبة". وفي لفظ: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به"([210])؛ولحديث جابر رضي الله عنه قال:"كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يصلي على راحلته حيث توجهت به،فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة"([211]).وفي لفظ: "كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة".وفي هذا أحاديث أخرى كحديث أنس رضي الله عنه ([212]).

ويستحب استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام؛ لحديث أنس رضي الله عنه "أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة، فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه"([213])، فإذا لم يفعل ذلك فالصلاة صحيحة عملاً بالأحاديث الصحيحةوذكر الإمام النووي رحمه الله "أن التنفل على الراحلة في السفر الذي تُقصر فيه الصلاة جائز بإجماع المسلمين ... " ([214]).

29- لا تتكلم إلا بالخير، واحفظ لسانك من كثرة القيل والقال، والخوض فيما لا يُعنيك، وتذكر أن قلة الكلام فيما لا ينفع مستحبة في كل حال صيانة للنفس من اللغو والوقوع في الكذب، وما لا يحل فإن من كثر كلامه كثر سقطه، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"([215])

30- يجب على الحاج وغيره أن يحفظ لهذه الأماكن المقدسة حرمتها ، فلا يهم فيها بعمل سوء ، فقد توعد الله من فعل ذلك بعذاب أليم، قال تعالى: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم". ([216])

فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن لا يؤذي بعضهم بعضاً ، لا في نفس ولا في مال ولا في عرض، بل يجب أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يتناصحوا ، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه ؛ لقول r: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، التقوى هاهنا ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" ([217]).

وقد حرم الله إيذاء المؤمنين والمؤمنات بأي نوع من الإيذاء ، في كل مكان وفي كل زمان، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين، وفي الأشهر الحرم، وفي وقت أداء المناسك، وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! لاشك أن هذا يكون أشد إثماً وأعظم جرماً، قال الله تعالى: "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" ([218]) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}([219])

فالمطلوب من الحاج أن يكون سلماً على نفسه، سلماً على غيره ، من إنسان وحيوان، وطير، ونبات، ولا ينالهم منه أذى، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وحرمة المسلم عند الله عظيمة، وظلمه معصية كبيرة، والظلم عاقبته وخيمة قال الله تعالى: "ومن يظلم منك نذقه عذاباً كبيراً([220]).

وأخيراً اتق الله ما استطعت ولا تفعل من الأفعال ما يتنافي مع هذه العبادة الجليلة، واحرص كثيراً على أداء ما فرض الله، وعلى ترك ما حرم الله ،والويل كل الويل لمن اتخذ الأمر لهواً ولعباً وظنه أنها رحلة عاطفية ونزهة نفسية.

والله أسأل أن يوفق حجاج بيت الله الحرام للاستقامة على دينهم وحفظ حجهم مما يبطله أو ينقص أجره، وأن يمن علينا وعليهم بالفقه في دينه والتواصي بحقه والصبر عليه ، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .

الصفحات