أنت هنا

قراءة كتاب المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة

كتاب " المرشـد الواضـح في الـحـج والعـمــرة " ، تأليف  محيي الدين محمد عطية ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

الإحرام: هو نية الحج، أو نية العمرة ، أو نية الحج والعمرة معاً.

والنية هي الإرادة المتوجهة نحو الفعل ابتغاء رضا الله تعالى، وامتثال أمره ،وهى عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه إلا في الحج والعمرة، فيجوز التلفظ بالنية بشرط أن تقول بلسانك قولا مطابقا لما في قلبك لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث البخاري عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: " لبيك عمرة وحجة " ([247])

ودليل فرضيتها ما رواه الشيخان([248]) من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

وسميت النية بالإحرام، لأن المحرم بإحرامه حرم على نفسه أشياء كانت مباحة ،مثل "لنكاح،والطيب" وغير ذلك كما سيأتي بيانه.

ولكي تحرم أي تنوى الحج أو العمرة أو الاثنين معاً ينبغي مراعاة عده أمور نذكرها لك فيما يلي:

1- النظافة: وتتحقق بتقليم الأظافر، وقص الشارب، ونتف الإبط وحلق العانة ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب" ([249]) .

لأن الإحرام يمنع ذلك، فاستحب فعله قبله لئلا تحتاج إليه في إحرامك، فلا تتمكن منه ، ويستحب لك أن تغتسل؛ لحديث زيد بن ثابت t، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل([250]). والغسل سنة عند الإحرام للرجال والنساء حتى النفساء والحائض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم، وذلك: أنها أرسلت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام كيف أصنع؟ قال: "اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي"([251]).

وأمر عائشة لما حاضت وقد أحرمت بعمرة أن تغتسل وتحرم بالحج، وتفعل ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فأهللتُ بعمرةٍ، ولم أكن سُقْتُ الهدي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي فليُهلل بالحج مع عمرته، ثم لا يحل حتى يحلّ منهما جميعاً" قالت: فحضت، فلما دخلت ليلة عرفة، قلت: يا رسول الله إني كنت أهللت بعمرة، فكيف أصنع بحجتي؟ قال: "انقضي رأسك، وامتشطي ، وأمسكي عن العمرة، وأهلِّي بالحج"([252]).

والاغتسال هو أن تتوضأ وضوءك للصلاة ثم تفيض الماء على رأسك ثلاثا مع تخليل الشعر ليصل الماء إلى أصوله ثم تفيض الماء على سائر جسدك بادئا بالشق الأيمن ثم الأيسر مع تعاهد الإبطين([253]) . وداخل الأذنين، والسرة ، وأصابع الرجلين، وغسل المرأة كغسل الرجل إلا أن المرأة لا يجب عليها أن تنفض ضفيرتها إن وصل الماء إلى أصل شعرها لحديث أم سلمه رضي الله عنها أن امرأة قالت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنفضه للجنابة قال: إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك فإذا أنت قد طهرت([254]).وبعد الاغتسال سرح لحيتك وشعر رأسك.

2- التجرد من الثياب المخيطة، والتطيب في البدن دون ملابس الإحرام وإن بقي أثره بعد الإحرام لحديث عائشة رضي الله عنها قالت "كنت أطيب([255]) رسول الله عليه الصلاة والسلام لإحرامه([256]). قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت([257]) ثم البس ملابس الإحرام التي أشرنا إليها وأنت في الميقات المحدد للإحرام منه.

3- يستحب صلاة ركعتين قبل الإحرام([258]) تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم لحديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام بوادي العقيق، يقول: "أتاني الليلة آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة"([259]) .و لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع بذي الحليفة ركعتين عند إرادة الإحرام.([260])

4- عقب الفراغ من الركعتين انوي في قلبك ما تريده من عمرة فقط ، أو حج فقط ،أو عمرة وحج معاً ولك أن تتلفظ بلسانك قائلا: اللهم إني نويت العمرة فيسرها لي، وتقبلها منى أو لبيك عمرة ،أو قل اللهم إني نويت الحج فيسره لي، وتقبله منى أو لبيك حجة، أو قل اللهم إني نويت العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما منى أو لبيك عمرة وحجة.

ولك أن تحرم إحراما مطلقا قاصداً أداء ما فرض الله عليك من غير أن تعين نية الحج، أو العمرة ،أو العمرة والحج معاً، وبذلك ينصرف إحرامك إلى ما شئت فعله من الأنواع الثلاثة.

ولك أيضا أن تعلق إحرامك بإحرام شخص ما بأن تقول أحرمت بإحرام كإحرام زيد فتكون مثله في إحرامه فإن كان زيد محرما بحج، أو بعمرة ،أو بعمرة وحج، كنت مثله، وإن أحرم إحراما مطلقا كان إحرامك مطلقا ، فتصرفه إلى ما تشاء من حج أو عمرة ولا يلزمك موافقة زيد في الصرف، فلو صرف زيد إحرامه إلى حج ،كان لك صرف إحرامك إلى عمرة والعكس، وإن كان حاجاً أو معتمراً عن غيره نوى ذلك بقلبه ثم قال: لبيك عن فلان وإن كان حاجاً أو معتمراً عن أنثى قال:لبيك عن فلانه أو بنت فلان او أم فلانه.

5- إذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه شُرِعَ له أن يشترط فيقول عند إحرمه بالنسك: "... فإن حبسني حابس فمحلِّي حيث حبستني"؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت أن تحرم وهي مريضة أن تشترط، فمتى اشترط المحرم ذلك عند إحرامه ثم أصابه ما يمنعه من إتمام نسكه فإن له التحلل ولا شيء عليه.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله عليه الصلاة والسلام على ضباعة بنت الزبير فقال لها: "لعلك أردت الحج؟" قالت: والله لا أجدني إلا وجعة([261])، فقال لها: "حجِّي واشترطي([262])، قولي: اللهم محلِّي حيث حبستني"([263]). وكانت تحت المقداد بن الأسود([264]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها، أتت رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت: إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج فما تأمرني؟ قال: "أهلي بالحج واشترطي أن محلِّي حيث حبستني"([265])، ولفظ أبي داود: "قولي لبيك اللهم لبيك، ومحلِّي من الأرض حيث حبستني"([266]).

وفي لفظ للنسائي: "قولي: لبيك اللهم لبيك ومحلِّي من الأرض حيث حبستني؛ فإن لك على ربك ما استثنيت"([267]).

وعن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "احرمي وقولي: إن محلِّي حيث تحبسني، فإن حُبِسْتِ، أو مرضت فقد أحللتِ من ذلك شَرْطَكِ على ربِّك "([268]) .

وما دلت عليه هذه الأحاديث ورواياتها الصحيحة هو الصواب من أقوال العلماء([269]).

6- إذا أردت أن تسوق الهدى معك إلي الحرم سواء كان من الإبل، أو البقر، أو الغنم، فالأفضل لك أن تنوى العمرة والحج معاً لحديث عاشه رضي الله عنها قالت: "خرجنا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام عام حجه الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام من كان معه هدي فليهل بالحجِّ مع العمرة، ثم لا يحلَّ حتى يحلَّ منهما جميعاً..." ([270]).

وإذا سقت الهدى معك يستحب لك إشعاره وتقليده إن كان من الإبل، أو البقر ، لحديث عن المسور بن مخرمة ومروان، قالا: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلَّد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره، وأحرم بالعمرة"([271]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قلَّد نعلين، وأشعر الهدي في الشق الأيمن بذي الحليفة، وأماط عنه الأذى"([272]).والإشعار هو أن تشق أحد جنبي سنامه إن كان له سنام قدر أنملة أو أنملتين حتى يسيل الدم ،أو أن تضربه بحديده في الجانب الأيمن من جسده حتى تدميه، ثم تقلده ،أي تعلق نعلاً في عنقه ، أو أي شيء آخر لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صلَّى رسول الله عليه الصلاة والسلام الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدَّمَ، وقلّدها نعلين ،ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهَلَّ بالحج" ([273]).

وذلك لتعلمه به، لتمييزه عما عداها من الأنعام، ليعلم المرء أنها هدى إلى الكعبة فلا يتعرض لها أحد ويتجنبها من يريدها بسوء ،إضافة إلي ما في الإشعار والتقليد من تعظيم شعائر الله وإظهارها، وإعلام الناس بأنها قرابين تساق إلى بيته، تذبح له ويتقرب بها إليه ،أما الغنم فلا يسن إشعارها لأنها ضعيفة وصوفها وشعرها يستر موضع إشعارها([274])، لكن يستحب تقليده رقعة جلد أو أي شيء آخر، وإن تركت الإشعار أو التقليد فلا شيء عليك.

ويجوز ركوب البدن التي سيقت هدياً والانتفاع بها حتى يوم النحر لِمَنْ احْتَاجَ إِلَيْهَا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: "ارْكَبْهَا"، قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّهَا بَدَنَةٌ"([275])، فَقَالَ: "ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ([276])!فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ.

وفي لفظ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله r، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً، قَالَ لَهُ رَسُولُ الله r: "وَيْلَكَ ! ارْكَبْهَا"، فَقَالَ: بَدَنَةٌ، يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "وَيْلَكَ ! ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ! ارْكَبْهَا"، وفي لفظ للبخاري قال: فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم، والنَّعلُ في عنقها([277]).

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ الله r بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: "ارْكَبْهَا" فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: "ارْكَبْهَا" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا([278]).

وفي رواية عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ r بِبَدَنَةٍ، أَوْ هَدِيَّةٍ، فَقَالَ: "ارْكَبْهَا"، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، أَوْ هَدِيَّةٌ، فَقَالَ: "وَإِنْ"([279]).

وفي رواية عن أبي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْـهَدْيِ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: "ارْكَبْهَا بِالْـمَعْرُوفِ إِذَا أُلْـجِئْتَ إِلَيْهَا، حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا([280])([281]).

وفي رواية عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا t عَنْ رُكُوبِ الْـهَدْيِ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: "ارْكَبْهَا بِالْـمَعْرُوفِ، حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا".

وإذا عطب([282]) الهدى في الطريق فخشيت عليه موتاً فانحره ثم أغمس نعله في دمه ودعه للمساكين في موضعه حتى يعرفوه بهذه العلامة فيعلموا أنه هدى فيأكلوا منه ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك([283]) . لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: "إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ([284])، فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا([285])، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ"([286]).

والسبب في ذلك كما قال الإمام النووي رحمه الله هو قطع الذريعة لئلا يتوصل بعض الناس إلى نحره أو تعييبه قبل أوانه أو التقصير في حفظه ليعطب فيأكل هو ورفقته منه. ([287])

وإذا ولدت الهدية فولدها بمنزلتها إن أمكن سوقه، وإلا حمله على ظهرها، وسقاه من لبنها، فإن لم يمكن سوقه ولا حمله صُنع به ما يُصنع بالهدي إذا عطبت، ولا فرق في ذلك بين ما عيَّنه ابتداء، وما عيَّنه بدلاً عن الواجب في ذمته([288]).

7- بعد أن تنوى العمرة أو الحج أو العمرة والحج معا وتشترط إن أردت قل بعد ذلك "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ،إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" وهذه هي التلبية" ([289]) التي كان يلبيها رسول الله عليه الصلاة والسلام لحديث جابر وعبد الله بن عمر قالا : "كانت تلبية رسول الله عليه الصلاة والسلام لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ،إن الحمد والنعمة لك والملك ،لا شريك لك([290]) . واعلم أن هذه التلبية هي إجابة نداء الله لك بالحج فاحرص على أن تكون مقبولاً وتحاش أن يقال لك لا لبيك ولا سعديك.

وبهذه التلبية تصير محرما فلا تقترب مما هو محظور عليك، كما سيأتي بيانه ويلبى بها كل من أحرم سواء رجل أو امرأة أو محدث أو جنب أو حائض أو نفساء.

وردد هذه التلبية كلما استطعت، في سيرك، وفي جلوسك، وفي وقوفك ،وفي لقاء الأهل والأصحاب، وعند اجتماع الناس، وعند كل صعود أو هبوط ،وعند كل ركوب أو نزول ، وكلما أكلت أو شربت، وكلما أويت إلى فراشك أو قمت من نومك، وعند استقرارك في الطائرة ،أو وسيلة مواصلتك ،وعقب كل صلاة ،وعند الليل والنهار وبالأسحار، وبالجملة عند تغاير الأحوال. ، وعلى هذا أكثر أهل العلم"([291]).

والرجل يرفع صوته بها دون تشويش على غيره لحديث زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "جاءني جبريل فقال: يا محمد مُر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية؛ فإنها من شعار الحج"([292]).أما المرأة فتسمع نفسها لخوف الفتنة بصوتها السنة للمرأة أن تخفض صوتها بالتلبية، ولا ينبغي لها رفع الصوت بالتلبية، كما عليه جماهير أهل العلم([293]).

قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "وأجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تُسمع نفسها، فخرجت من جملة ظاهر الحديث، وخُصَّت بذلك، وبقي الحديث في الرجال"([294]).

ويستحب أن تكرر التلبية كل مرة ثلاث مرات وتواليها، لا تقطعها بكلام ،وإذا لبيت صلّّ على رسول الله عليه الصلاة والسلام وأسال الله تعالى ما شئت من أمور الدين والدنيا ولمن تحب وللمسلمين.

والمعتمر يستمر في التلبية إلى أن ينتهي منها عند ابتداء الطواف لحديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يلبى المعتمر حتى يستلم الحجر([295]). أما الحاج فينتهي من التلبية عند رمى أول حصاة من جمرة العقبة يوم النحر لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة"([296])([297]).

وله أن يقطع التلبية مع آخر حصاة لما روى عن ابن عباس عن الفضيل قال: "أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يُلبِّي حتى رمى جمرة العقبة"([298]). وفي لفظ عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله عليه الصلاة والسلام أردف الفضل، فأخبر الفضل: أنه لم يزل يُلبي حتى رمى الجمرة"([299]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله": "وتشرع التلبية من حين الإحرام إلى الشروع في الإحلال، ففي الحج يلبِّي إلى أن يأخذ في رمي جمرة العقبة، وفي العمرة إلى أن يشرع في الطواف، قال أحمد: الحاج يُلبِّي حتى يرمي جمرة العقبة، وفي رواية يقطع عند أول حصاة، وقال في رواية الجماعة في المعتمر يقطع التلبية إذا استلم الركن. وهذا هو المذهب"([300]).

الصفحات