أنت هنا

قراءة كتاب الخليج بعد النفط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخليج بعد النفط

الخليج بعد النفط

كتاب "الخليج بعد النفط " ، تأليف عبد العزيز خليل المطوع ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

2.2 مكونات الإنسان

ولأن الحضارة أو التمدن هي نتاجٌ للجهد البشري الأخلاقي والمعرفي والثقافي البنائي، فإن المجتمع الأكثر تحضرًا يكون هو الأكثر اهتمامًا بالإنسان، لا باعتباره كائنًا يستمد أفضليته من بشريته وحدها، ولكن باعتباره قائدًا لعملية التحول الحضاري ومحركًا لها، وباعتبار مجموعة مكوناته القيمية التي تشكل في مجموعها شخصية هذا الكائن البشري وحدود قدراته وتفاعلاته وتأثيراته، والتي تمثل طبيعتها ونوعيتها وتقديرها معيار قابليته للعطاء وللمشاركة الحياتية وللبناء الحضاري؛ ورغم أن الأديان والتيارات والمذاهب الفكرية لها آراؤها واتجاهاتها في ماهية هذه المكونات وفي ترتيب أولوياتها، إلا أن الإسلام يعتبر أفضل من وصَّف هذه المكونات وأفرد لكل منها خصوصيتها ووزنها الاعتباري، ورتب لها أولوياتها وأكد احترامها وحمايتها وصيانتها؛ وفي هذه المنظومة المتناسقة والمتكاملة:

يمثل مكوّن النفس الذي يتألَّف من: الجسد والعاطفة والروح، محرك الإمكانية الانفعالية والحركية، ولهذا كان حفظ النفس ومكوناتها والاعتناء بها بتهذيب إمكانياتها وسيلةً لتصحيح أسلوبها في التفاعل مع بقية المكونات الحياتية، ولاستجلاء قدراتها واستثمار الأسلوب المهاري للنفس من أجل إعطاء بقية مكونات الإنسان الدافع المعنوي أو المادي للعمل الإنتاجي؛

أما مكوّن العقل الذي يتألَّف من: المعرفة والحكمة والسلوك، فيمثل محرك الإمكانية التفكيرية، ولهذا كان حفظ العقل ومكوناته والاعتناء به باكتساب الأدوات والقدرات التفكيرية والمعرفية وتطويرها وتهذيبها وسيلةً لتفعيل التأثير القيَمي، واستثمار الأسلوب السوي للعقل والسلوك في التجاوب التغييري والبنائي؛

وأما مكوّن الدين الذي يتألَّف من: العقائد والعبادات والأخلاق، فيمثل محرك الدافع والمحدد التفاعلي والتأثيري، ولهذا كان حفظ الدين والاعتناء به وسيلةً لتهذيب بقية المكونات الإنسانية من أجل بلورة التصورات والمفاهيم واستثمار تأثيراتها وانعكاساتها على الأسلوب الإيجابي للدين في التفكير؛

وأما مكوّن المال الذي يتألَّف من: الممتلكات من الأصول الرأسمالية والموهبة المهنية والحقوق، فيمثل محرك القدرة، ولهذا كان حفظ المال والاعتناء به من خلال تطوير أساليب التعامل به وتداوله واستثماره في سبيل زيادة فرص الوفرة وسيلة للمحافظة على الموارد المجتمعية وتنمية قدراته، كما أن تهذيب السلوك وتقويمه وسيلةً من أجل تنظيم المعاملات وحماية الحقوق؛

وأما مكون العِرض الذي يتألَّف من: الشرف والمكانة الاجتماعية والسمعة الحسنة فيمثل محرك الارتباط، ولهذا كان حفظ العرض والاعتناء به وسيلةً لاستثمار قوة الروابط والعلائق الاجتماعية وصيانتها كأسلوبٍ لإبقاء النسيج الاجتماعي متلاحمًا ومتماسكًا وصلبًا؛

وبهذا نجد أن كل تلك المكونات الإنسانية تصب في روافد البناء الاجتماعي والتمدن الحضري للمجتمع البشري، ولهذا أيضًا جاء المنهج الإلهي أو التعاليم الدينية أو حتى المذاهب والتيارات الفكرية كلٌّ بمبادئه الخاصة ووفق منظوره الخاص لتصنيفاته وأولوياته من أجل أن يصوغ تلك المكونات، ومن أجل أن يهذبها وأن يضعها تحت اختبار الالتزام والاحترام والإنتاج والتناسب.

الصفحات