أنت هنا

قراءة كتاب العمل مع الأطفال الصغار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العمل مع الأطفال الصغار

العمل مع الأطفال الصغار

كتاب " العمل مع الأطفال الصغار " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 8

مساقات تنمية الطفل

Contexts of child Development

هناك ثلاث مساقات مهمة تساهم في تنمية وتربية الطفل، وهذه المساقات هي: الأسرة والثقافة، والمجتمع، وفيما يلي نتناول هذه المساقات بشيء من التفصيل.

أولاً-الأسرة Family:

تعد الأسرة المرحلة الأولية في حياة الإنسان فهي لا تقصر على توفير الماديات من مسكن وملبس وطعام فحسب، لكنها رابطة اجتماعية مؤلفة من زوج وزوجة وأطفالهما أو من دون أطفال أو من زوج وحده مع أطفاله أو من زوجة وحدها مع أطفالها، فهي مؤسسة اجتماعية تنبعث من ظروف الحياة والطبيعة التلقائية للنظم والأوضاع الاجتماعية، والأسرة ضرورة حتمية تحتضن الإنسان منذ ولادته، يتعلم من خلالها مبادئ الحياة والسلوك التي يفرضها الواقع والطبيعة الإنسانية وينظمها المجتمع، وتنادي بها الأديان السماوية. والأسرة هي عماد المجتمع وأحد مرتكزاته الأساسية واللبنة الأولى التي يبنى عليها المجتمع وتقسم الأسر من حيث عدد أفرادها إلى أسر بسيطة تتكون من الأم والأب وأطفالهما، وأسر مركبة تشمل الزوج والزوجة والأطفال والأجداد والأعمام والأخوال وغيرهم وهذا ما كان شائعاً في الماضي. ومن الأسر المركبة أيضاً أسرة الرجل متعدد الزوجات حيث تعيش زوجات الرجل معاً، وهذا النوع منتشر في المجتمعات الريفية والقروية. وتنقسم الأسر وفق طبيعة تكوينها إلى قسمين هما: الأسرة الطبيعية والتي تتكون من خلال روابط الزواج والإنجاب، والأسر البديلة والتي تشتمل على ملاجئ الأيتام، وقرى الأطفال، ودور رعاية الأحداث، ومراكز التربية التي تخصصها الدولة للأطفال الذين يبعدون عن أسرهم الأصلية لأسباب عديدة كمرض الوالدين أو وفاتهما بحوادث معينة أو بسبب الكوارث، أو لأسباب قانونية. ويتميز هذا النوع من الأسر بضعف الروابط بين أعضائها ضعفاً واضحاً. (المسعد وآخرون،2004) والأسرة هي المسؤولة عن حفظ النوع الإنساني، وتوفير الأمن والسلامة والطمأنينة للطفل، وتنشئته تنشئة ثقافية تتناسب مع مجتمعه وتحقق له التكيف الاجتماعي. وفي الأسرة يكتسب الطفل أول خبراته الصوتية ويبدأ بترديد بعض الكلمات ويدرك بالتدريج العلاقة المادية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف البيئية. وتضطلع الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع، أي التطبيع الاجتماعي للطفل. وكانت الأسرة في كل المجتمعات في السابق تؤدي العديد من الوظائف التي تقلص معظمها،فالوظائف الصحية أسندت إلى الأطباء،والوظائف التعليمية أوكلت إلى المدارس والوظائف الاقتصادية أسندت إلى المراكز التجارية والاقتصادية، وهكذا،ولكن ظلت الأسرة العربية متماسكة ومترابطة، وبقيت تتمسك بمسؤولياتها في تربية الأطفال إلا في حالة خروج الأم للعمل، ففي فترة غيابها عن البيت تتولى الخادمة تربية الأطفال ورعايتهم، أو تقوم إحدى دور الرعاية النهارية بتولي مسؤولية رعاية الأطفال. وفي كل الأحوال فإن الأم هي أول معلمة للعلاقات الإنسانية، وإنها أول وسيط بين الطفل والعالم الخارجي، فإذا أحسنت تقديمه إلى هذا العالم ازدادت ثقته فيها وفي العالم، وإن أساءت تقديمه ظل يشعر طوال حياته بالوحشة والاغتراب، كما أنها أول مصدر للأمن عنده، لأنه لا يفهم شيئاً مما يدور حوله ويثير مخاوفه وقلقه، فحنان الأم كفيل بالوقاية من هذا القلق، ويتوقف نجاح الأم في تطبيع طفلها على مهارتها في جعل الطفل يستنكر السلوك السيئ دون أن يفقد محبة أمه. (السبيعي،1985) وحيث أن الأم هي المصدر الأول للحضانة والتربية والإعداد الخلقي والوجداني والديني للطفل واكتساب الاتجاهات الإيجابية للحياة الاجتماعية في المراحل الأولى من حياته، لذلك فهي تتولى مسؤولية ضخمة تتطلب حداً أدنى من الثقافة والتعليم، فإذا لم تتوفر في الأم عجزت عن القيام بتلك المسؤولية، فضلاً عما يترتب على جهلها بأساليب التنشئة السليمة من مشكلات صحية واجتماعية ونفسية متعددة، مما يدعو المؤسسات التربوية والاجتماعية والسياسية تأسيس مراكز للعناية بالأم وتدريبها وتثقيفها في مجال رعاية الطفل. (الكبيسي،2008) ولا تقتصر مسؤولية تربية الأطفال على الأم فحسب، فللأب دور لا يستهان به في تربية ورعاية أطفاله. ويعتبر حضور الآباء في حياة أطفالهم والتواصل معهم عاملاً مهماً وحاسماً في إطلاع الطفل على حقائق المجتمع الذي يعيش فيه، فالطفل يقبل على والده كما يقبل على والدته، وكلما أسهم الآباء في توفير المساندة العاطفية للطفل، فإن الطفل سيشعر بارتياح أكبر وقوة وفاعلية. ولقد أظهرت بعض الدراسات في مجال تربية الطفل أن الطفل يبدو عليه القلق والتوتر إذا ما غابت عنه أمه أو غاب عنه أبوه، فعن طريقها يدخل الطفل عالم المجتمع من حوله ومع أن الأم أقدر من الأب على القيام بخدمة الطفل حين تستبدل له ملابسه أو تطعمه أو تحممه، لكن أظهرت بعض الدراسات التي أجريت على عينه من عائلات الطبقتين الوسطى والفقيرة أنه لا توجد فروقاً بين قيام الأب على شؤون أطفاله، وبين قيام الأم بذلك سواء في حمايتهم أو إطعامهم أو تغيير ملابسهم، أو اللعب معهم، وفي الاستجابة لمتطلباتهم، وفي غرس العادات الطيبة في نفوسهم. وإن كانوا يتركون ذلك كله أو معظمه للأم إذا ما كانت الأم مع الأب بصحبة أطفالهما، فلدى الأم ميل أقوى لتعليم طفلها الانضباط الداخلي والالتزام الذاتي والمحافظة على توازنه أثناء ممارسته للأنشطة التي يقوم بها. وكلما قوي التعاون بين الأم والأب في تنشئة طفلهما كلما كان ذلك أكثر فائدة وأقوى أثراً، كما يفيد الطفل بشكل أكبر إذا ما تعامل مع أكثر من نمط أو أسلوب سلوكه وتصرفاته. (عدس،1995) والمعروف لدى علماء النفس أن البشر يتحركون بالدوافع لا بالغرائز والفرق بين الدوافع والغريزة هو أن الغريزة سلوك ثابت وغير مبصر وآلي، ويمثل اتجاه النوع أو الجنس ككل. بينما الدافع هو سلوك مرن ومبصر ومنفتح ويحتوي على عناصر المرونة ويتعدل بالتعلم والاكتساب، وهكذا فإن الأبوة أقرب إلى أن تكون من الدوافع منها إلى الغرائز، وأفضل الآباء هم الذين يبقون واعين متفتحين يستفيدون من ثقافتهم الخاصة ويتزودون من وجوه الثقافة، ويشيعون في أسرهم نتاج الثقافة ويرتقون بالحياة الأسرية. والأب العاقل يعدل من اتجاهاته لكي يكتسب علوماً جديدة ويتيح لأطفاله الفرصة لأن يصبحوا أفضل من أنفسهم ويثابروا في تفتيح طموحاتهم. فالأبوة فن مكتسب قائم بذاته وأهم ما في هذا الفن هو الدور الكبير الذي يسند إلى شخصية الأب. (السبيعي،1985) ونظراً لأهمية دور الأب في تربية أطفاله إلى جانب الأم، فهناك معاهد تتولى تقديم البرامج الخاصة للآباء لتدريبهم على مواجهة مشكلات الأطفال ومعرفة مراحل نموهم وحاجاتهم في كل مرحلة من هذه المراحل لإشباعها. وتتأثر تربية الطفل في مدى ترابط أعضاء الأسرة، وبأساليب التنشئة التي يسلكها أفراد الأسرة في الرعاية، كما تتأثر تربية الطفل بحالة الأسرة الاجتماعية من خلال الانفصال أو الوفاة أو الإصابة بمرض معين أو نوعية الأسرة من خلال أنماط المعاملة التي يمارسونها مع أطفالهم وطموحات الوالدين في أنفسهم وفي أطفالهم. ومما لا شك فيه أن للجو الأسري المستقر والدافئ أثره الإيجابي على معاملة الوالدين لأطفالهما من ناحية وعلى استقرار هذه المعاملة وعدم تذبذبها من ناحية أخرى، فالأسرة غير المترابطة والمصابة بتفكك أسري تتعرض لكثير من الضغوط التي تؤثر تأثيراً مباشراً على أطفالها فيصبحون غير أسوياء وغير قادرين على التوافق السليم مع المجتمع أو البيئة، أما الأسر التي تغرس الحب والتقدير قي نفوس أطفالها وتسعى إلى توفير الأمان والاستقرار والانتماء فإن أطفالها ينشأوا أسوياء قادرين على تحقيق التكيف الاجتماعي، ولديهم الاستعداد للاندماج مع المجتمع ومواجهة مصاعب الحياة.

الصفحات