أنت هنا

قراءة كتاب العمل مع الأطفال الصغار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العمل مع الأطفال الصغار

العمل مع الأطفال الصغار

كتاب " العمل مع الأطفال الصغار " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 9

ولقد ميزت عالمة النفس ديانا بومرند (Diana Baumrind) المشار إليها في (المسعد وآخرون،2004) بين أربعة أشكال من الاتجاهات الأسرية في تربية الأطفال، إذ أن كل شكل من هذه الأشكال الأربعة يتبع أنماطاً مختلفة في التعامل مع الأطفال وفيما يلي نورد هذه الأنماط الأربعة:

1- الاتجاه المتسلط Authoritational Aspect: إن السلوك المتسلط الذي يظهر لدى الوالدين من خلال استجاباتهم ومن خلال أوامرهم وتأديبهم للطفل يشكل لدى الطفل نمطاً من الاستجابات تجاه هذا السلوك المتسلط.(قطامي والرفاعي،1997) والآباء المتسلطين يبذلون قدراً كبيراً من الضبط والسيطرة على أطفالهم، فهم صارمون جداً ولهم سلطة وحزم، يتشددون مع الطفل ويطلبون منه أن يسلك وفق معايير لا تناسب عمره ولا نموه، وينتقدونه ويخيفونه بغير ضرورة، ويخططون له باستمرار، ويعنون بحاجاته إلى درجة عالية جداً. والأم المتسلطة تحبط رغبة طفلها في العمل الاستقلالي، مما ينتج عنه كراهية الطفل في نفسه، وتقييد حرية الطفل مما يؤدي به إلى تنمية مشاعر النقص والانطواء والانسحاب، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الخاصة به، كما يؤدي بالطفل إلى السلبية والشعور بالضعف عند الكبر، والميل إلى الإهمال، والخوف الدائم من السلطة والتمرد عليها فيما بعد.

2- اتجاه الإهمال وعدم المبالاة Negligence and lgnorent Aspect: تتجه الأسرة التي تتسم بعدم المبالاة والتجاهل إلى عدم وجود قوانين داخل الأسرة، وضياع الأشياء، فلا يحدد دور الأب أو دور الأم، ويترك الطفل يتخبط من دون اهتمام أو رعاية، أو قد يترك بين يدي المربية، والطفل الذي ينشأ في هذا النوع من الأسرة لا يفرق بين الصواب والخطأ. (المسعد وآخرون،2004) كما أن الطفل يترك بلا رعاية ولا اهتمام، ولا تشبع حاجاته، مما يدفعه إلى الشعور الدائم بالإحباط وعدم القدرة على إشباع رغباته، ويظهر ذلك جلياً في سلوكه الذي يتمثل بالاضطرابات الانفعالية والصراخ والغضب. حيث أنه يشعر بالنبذ والإهمال مما يؤدي إلى تأخر نموه العقلي والاجتماعي، ويولد لديه الكره للمجتمع ولأسرته التي كانت سبباً في تعاسته. كما أنه قد يصاب ببعض الاضطرابات السلوكية المختلفة لمحاولة جذب انتباه الوالدين مثل الامتناع عن تناول الطعام، أو التبول اللاإرادي أو البكاء بدون سبب معقول.

3- الاتجاه المتراخي Laissez –faire Aspect: ويتمثل في تقبل الأسرة للطفل، ولكن ليس بالسيطرة عليه وتقييد حريته، وقد يشرح أفراد الأسرة ويوضحون القوانين في المنزل، والتشجيع على الاستقلالية، لكنهم يتركون أطفالهم دون رقابة ودون توجيه، وربما يؤكدون على قوانين تكون أقل بكثير من مستويات نضج أطفالهم. وقد يضع الوالدان قرارات لكنها غير واضحة ولا تنقل إلى الأطفال بشكل صحيح. وهذه الأسر التي تتبع الاتجاه المتراخي تستخدم أساليب التأديب بشكل متذبذب أما مشاعر الوالدين فهي غير ظاهرة لأنهما يخفيانها ويحاولان التحكم في كثير منها. ويتسم أطفال هذا النمط من الأسر بحدة الانفعال والعدوانية والعناد، وعدم الثقة بالنفس، والخوف من مواجهة المشكلات، وعدم القدرة على ضبط النفس، وعدم تحمل المسؤولية، وذلك لعدم وضوح الأهداف. كما يتميزون بنوبات الغضب المتكررة، ولكنها لا تدوم لفترة طويلة ويتبعها شعور نفسي بالرضا.

4- الاتجاه الديمقراطي Democratic Aspect: يتميز أفراد الأسرة الذين يتبعون الاتجاه الديمقراطي بأنهم يعملون بجد ومثابرة لتقديم المعلومات التي يحتاجها أطفالهم ليتمكنوا من اختيار قراراتهم، ويتسم آباء هذه الأسر بعدم التدليل والتراخي، وعدم استخدام القسوة، فالقوانين واضحة وهناك تأكيد وإصرار على تطبيقها، كما أن الطفل الذي يخطئ لا يترك بدون محاسبة، وقد يظهر الآباء عدم رضاهم عن السلوك السلبي الذي يصدر عن أطفالهم، ولكنهم في الوقت ذاته يركزون على الإيجابيات التي يظهرها سلوك أطفالهم ويعززونها. والآباء الذين يتبعون الاتجاه الديمقراطي في تربية أطفالهم يحترمون قرارات الأطفال وخياراتهم، ويهتمون بآرائهم، ويوفرون الدفء والحنان لهم، كما يستجيبون لرغبات أطفالهم، ويشجعون الاستقلالية لديهم وكذلك العلاقات الاجتماعية.(المرجع السابق) ويتسم الأطفال في الأسر الديمقراطية بأنهم يعتمدون على كسب العلاقات الاجتماعية، وبالثبات الانفعالي واحترام الذات وتقديرها.

كما أنهم يتسمون بالقدرة على مواجهة المشكلات، والود في التعامل مع الآخرين. وقد أشارت الدراسات الحديثة بأن هؤلاء الأطفال أكثر قدرة على النجاح وعلى تحقيق التوافق السليم في الحياة. وفي دراسة أجراها بالدوين (Baldwin) بتتبع أثر التربية الديمقراطية على الأطفال وما يرتبط بالعدوان والاعتماد، وقد اعتمد في دراسته على إيجاد العلاقات بين السلوك الديمقراطي والسلوك التسلطي وآثار ذلك في سلوك الأطفال في دور الحضانة.(قطامي والرفاعي1997) وكشفت تلك الدراسة بأن الأطفال الذين كانوا يربون في بيوت ديمقراطية متساهلة يتميزون بالنشاط والمنافسة والانطلاق، وبالقيام تلقائياً بعمل بعض الأمور، وبالتعبير عن آرائهم ومشاعرهم، ومحاولة عمل الأشياء بطرق جديدة. أما بالنسبة لسلوك الحماية الزائدة الذي تمارسه الأم مع طفلها، فقد أوضح ليفي (Levy) المشار إليه في (المرجع السابق) أن الأمهات المفرطات في الحماية والمتسامحات إلى حد بعيد مع أطفالهن الرضع (يرضعنهم رضاعة طبيعية لفترة طويلة) قد يؤخرن من اكتسابهم للاستجابات المتوقعة، والأم المفرطة في الحماية ترى في نمو استقلال طفلها أمراً يهدد سيطرتها عليه وحيازتها له، ولهذا فهي تحاول الحد من أوجه النشاط كالاستكشاف والتجريب، ويلاحظ أنها تقلل من المناسبات التي تتيح للطفل تعلم استجابات جديدة لم يتعلمها من قبل. ويلاحظ أن اتجاه النبذ والتسلط أكثر الاتجاهات ضرراً في نمو الطفل.أن الطفولة السعيدة والصحية تعتمد على علاقة الحب مع الأسرة، والتعرض لتقاليد ثقافة المجتمع، والمشاركة والتجاوب مع البيئة المحيطة ((Mcdevitt and Ormrond,2010 ومع أن الأسرة تتولى رعاية الطفل منذ ولادته وتغذيته وتغيير ملابسه، وتحميمه ووقايته من الأمراض، وإشباع حاجاته الأساسية، فإنها مسؤولة أيضاً عن تنشئته الاجتماعية عن طريق تشجيع سلوكيات ومعتقدات معينة لدى الطفل،وعلى الوالدين وبعض أفراد الأسرة مساعدة الأطفال في عمل الأشياء بالطريقة التي يراها المجتمع مقبولة.

ثانياً-الثقافة Cluture:

الثقافة هي الوجه المميز لمقومات الأمة التي تميزها عن غيرها من الجماعات بما تشتمل من عقائد وقيم ومبادئ وسلوك وقوانين وعادات وتقاليد. فهي أي الثقافة مجموعة من العقائد والقيم والقواعد التي يتمثل لها أفراد المجتمع الواحد، فالثقافة هي قوة وسلطة موجهة لسلوك المجتمع، تحدد لأفراده تصوراتهم عن أنفسهم والعالم من حولهم وتحدد لهم ما يحبون ويكرهون ويرغبون فيه ويعرضون عنه كنوع الطعام الذي يأكلون، ونوع الملابس التي يرتدونها، والطريقة التي يتحدثون بها، والألعاب الرياضية التي يمارسونها، والرموز التي يتخذونها للإفصاح عن مكنونات أنفسهم، وما إلى ذلك. والثقافة تعود إلى صفات السلوكيات والمعتقدات المتعلقة بالجماعة المجتمعية منذ أمد طويل. والثقافة تشتمل على السلوكيات اليومية التي تقوم بها الأسر والأطفال كل يوم كالطبخ والمحادثة، واللعب، والعمل اليومي، واستخدام المعدات والطقوس الدينية المتكررة والاحتفالات والمناسبات والإجازات. ومن الممكن ملاحظة تأثير الثقافة بواسطة المقارنة بين عادات الناس من مجتمعات مختلفة. فعلى سبيل المثال: في بعض الثقافات يتوقع من الأطفال المشاركة في أحاديث الكبار، ولكن في بعض الثقافات الأخرى يعاب على الأطفال مشاركتهم في أحاديث الكبار((Rogoff,2003 إن المعتقدات الجوهرية تختلف من مجتمع إلى آخر، وعلى سبيل المثال: فإن الثقافات الفردية تشجع الاستقلالية وتوكيد الذات، والمنافسة، والتعبير عن الحاجات الشخصية. وهناك العديد من العوائل الأمريكية والأوربية تنشئ أطفالها بطريقة فردية. أما أساس فكرة الثقافات المشتركة فهي تؤكد أن الناس يجب أن يطيعوا الرموز التشريعية، ويحترمونها ويتعاونوا معها وأن يسعوا إلى الإنجاز الجماعي بدلاً من الفردي. إن معظم العوائل في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية ينشئون أطفالهم وفق الثقافات الجماعية أي المشتركة. وعلى العموم فإن الكبار يتبعون سلوكيات معينة في تنشئة أطفالهم عن طريق تأكيد القيم المتعارف عليها. وكمثال على ذلك حفاظ بعض الأسر على طرقهم التي يتبعونها في النوم فكثير من الأمريكان والأوربيين يتركون أطفالهم ليناموا لوحدهم في غرفهم الخاصة وفي سررهم المعدة لهم، ويدربونهم ويشرحون لهم كيفية تأمين خصوصية وقت الليل للكبار، كما أنهم يعززون استقلالية الأطفال. وبعض الأسر في الثقافات الأسيوية تجعل الطفل ينام مع أمه أو مع الوالدين أو مع أخوانه ظناً منهم أن ذلك يعزز المودة الحميمة بين الطفل ووالديه أو أخوانه، وهكذا عندما ينمو الطفل وفقاً لهذه الثقافات تتكون لديه الخبرة حول الحياة الإنسانية ومعناها. والثقافة تضيف أيضاً بعض أبعاد الذكاء الحياتية عن طريق تعريض الأطفال للحكمة والاستكشافات المتقدمة والعمل الإبداعي للمجتمع.

ثالثاً-المجتمع Community:

مجتمع الطفل يشتمل على الجيران وسكان المناطق المجاورة، وهذا المجتمع يمنح الطفل وعائلته الوجه المشرق للعالم الخارجي، ويوفر زملاء اللعب للطفل، ويمنح الطفل وسائل المتعة عن طريق اللعب مع أطفال الجيران وأطفال المنطقة. والمجتمع المحلي يؤثر في الأطفال بطريقة غير مباشرة فالآباء على سبيل المثال قد يشرفون على نشاطات أطفال المنطقة، وقد يسدون بنصائحهم المفيدة من خلال استراتيجيات التربية الوالدية الفاعلة للآباء الآخرين باعتبارهم جيران وأبناء منطقة واحدة، كما أنهم قد يقدمون بعض الدعم لإشباع حاجات الآباء الآخرين مما يساعدهم في تنشئته أطفالهم بشكل سليم. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك العديد من المؤسسات الموجودة في المجتمع المحلي والتي تقدم الخدمات العديدة للأطفال مثل الخدمات الصحية وتوفير وكلاء الخدمات الاجتماعية، وورش العمل، وتقديم دورات حول التربية الوالدية.

وأخيراً فإن المجتمعات المحلية تدرب الأطفال وتخبرهم عن ماذا يريد منهم المجتمع عندما يصبحوا كباراً. إنه لفهم فردية كل طفل، فإننا بحاجة إلى الأخذ بعين الاعتبار الخبرات البيئية المحددة وكيفية تأثيرها على تعلم الأطفال.

الصفحات