أنت هنا

قراءة كتاب التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

كتاب " التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

61 ـ واذكروا أيها اليهود حين قال أسلافكم: يا موسى، لن نستطيع الصبر على طعام واحد من المن والسلوى، لتكررهما كل يوم، فاسأل لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من خضارها وبقولها كالنعناع والكرفس والخيار، وقمحها أو ثومها، وعدسها وبصلها المعروفين، قال: أتطلبون ما هو أخس وأحقر بدلاً مما هو أحسن وأفضل، وهو المن والسلوى اللذان هما ألذ وأطيب، ومن عند الله بغير واسطة أحد، ادخلوا بلداً زراعياً، ففيها تجدون ما طلبتم من البقل والثوم وغيرهما، وأصبحوا في ذلّ وفقر وحاجة، وإن كانوا أغنياء، ورجعوا مستحقين غضب الله، وذلك كله بسبب كفرهم بالله، وقتلهم الأنبياء ظلماً وعدواناً بغير حق، كشعيب وزكريا ويحيى، وهم يعلمون أنهم ظالمون بقتلهم، وذلك العقاب بسبب عصيانهم أوامر الله، واعتدائهم على أنبيائه.

62 ـ إن الذين صدقوا النبي  وصاروا من أتباعه، والذين صاروا يهوداً، والنصارى الذين نصروا المسيح عليه السلام، والصابئين: وهم الذين تركوا اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة والنجوم، ومنهم جماعة في العراق، من آمن من هؤلاء الطوائف الأربع، إيماناً حقاً بالله واليوم الآخر، وعمل صالح الأعمال التي أمر الله بها، فلهم ثواب عملهم الصالح عند ربهم يوم القيامة، ولا خوف عليهم من أهوال القيامة، ولا يحزنون على ما فاتهم في الدنيا. نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي، أخرج الواحدي عن مجاهد قال: لما قص سلمان على رسول الله  قصة أصحابه، قال: هم في النار، قال سلمان: فأظلمت علي الأرض، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ...} قال: فكأنما كشف عني جبل.

63 ـ واذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا عليكم العهد المؤكد بالعمل بما في التوراة، ورفعنا فوقكم جبل الطور الذي ناجى موسى ربه عليه، وقلنا لكم: خذوا ما أمرناكم به في التوراة، بجِدّ واهتمام، وادرسوا ما جاء في التوراة واعملوا به، لكي تتقوا عذابي، وتفوزوا برضائي.

64 ـ ثم أعرضتم عن الميثاق المأخوذ عليكم، وتركتم العمل بما أمُرتم، من بعد قبول الميثاق ورفع الجبل فوق رؤوسكم كأنه ظلة عليكم، فلولا تدارككم بلطف الله ورحمته بكم، بتوفيقكم للتوبة وإعلانها، لكنتم من الهالكين في العذاب الأليم المهين.

65 ـ ولقد علمتم أيها اليهود شأن آبائكم وهم يهود أيلة في خليج العقبة (أو هي قرية ظاهرة على الساحل) الذين خالفوا أمر الله، فاصطادوا السمك يوم السبت، وكان محرماً فيه، لقصره على العبادة بتشريع موسى عليه السلام، محتالين على ذلك بإقامة الأحواض يوم الجمعة، لتقع الأسماك فيها بعملية المد البحري والجزر، فمسخوا قردة أو صاروا في حكم القردة وصُيِّروا أذلاء صاغرين مبعدين مطرودين.

66 ـ فجعلنا عقوبة قرية إيلات في العقبة المخالفة عبرة مانعة من ارتكاب مثلها، للقرى الموجودة أمامها وفي عصرها، ولما يأتي بعدها، وتذكرة للمؤمنين الأتقياء الذين يأتون بعدهم إلى يوم القيامة.

67 ـ واذكروا يا بني إسرائيل حين قال موسى لقومه: إن الله يأمركم بذبح بقرة، لمعرفة قاتل شخص غني عقيم ليس له إلا وارث وحيد، وهو ابن أخيه، قتله ليرثه، ثم ألقاه على باب رجل من اليهود، ثم أصبح يدعيه عليهم، كما روى ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني، فقالوا لموسى: أتهزأ بنا، وتسخر منا؟ فقال لهم: أستجير بالله أن أكون من السفهاء أهل الجهل الذين يكذبون على الله، فكيف أنسب إليه أمراً لم يأمر به؟!

68 ـ قالوا: اسأل ربك أن يبين لنا صفة هذه البقرة، قال: إنه يقول: إنها بقرة، لا مُسنّة ولا بِكْر صغيرة، متوسطة بين الاثنتين، فافعلوا ما تؤمرون لمعرفة القاتل، ولا تتشددوا.

قالوا لموسى مرة أخرى: اسأل ربك يبين لنا ما لونها؟ قال موسى: يقول الله تعالى: إنها بقرة صفراء اللون، شديدة الصفرة، تبهج الناظرين وتعجبهم في حسن منظرها ولونها.

70 ـ قالوا لموسى أخيراً: اسأل ربك يبين لنا حالة هذه البقرة، أسائمة أم عاملة؟ لأن جنس البقر تشابه علينا، لكثرة الأبقار الصفر المتوسطة السن، فلا ندري أي بقرة يريدها الله، ونحن مهتدون بمشيئة الله إلى البقرة المطلوبة إذا أخبرتنا.

71 ـ قال لهم موسى: إن الله تعالى يقول لكم: إنها بقرة غير مذللة بالعمل، فلا تحرث الأرض، ولا تستخدم في سقي الزرع، كالدواب النواضح الأخرى المستعملة لإخراج المياه من الآبار، بريئة من العيوب، خالصة الصفرة لا يخالطها لمعة أو بقعة من لون آخر، قالوا: الآن نطقت بالبيان أو الوصف التام، فوجدوها عند فتى بارّ بأمه، فشروها بثمن غال جداً، وذبحوها وما كادوا يفعلون، لغلاء ثمنها، ولو ذبحوا أي بقرة كانت قبل هذه الأسئلة، لأجزأتهم، ولكن شددوا، فشدّد الله عليهم، كما روى أبو هريرة.

72 ـ واذكروا حين قتل بعضكم نفساً، فتخاصمتم وتنازعتم فيمن هو القاتل؟ والله مظهر ما كتمتم من أمر القتل، لإخفائه على الحاكم.

73 ـ فقلنا: اضربوا القتيل بأحد أعضاء البقرة المذبوحة، فضربوه، فأحياه الله، فأخبرهم عن القاتل، وهكذا يحيي الله الأموات يوم القيامة كمثل هذا الإحياء، ويريكم علاماته الدالة على كمال قدرته، لكي تدركوا قدرة الله تعالى، وتتدبروا في أمر البعث.

74 ـ ثم صَلُبَتْ قلوبكم عن قبول الحق، ولم تذعن لآيات الله من بعد رؤية هذه الحادثة، فهي كالحجارة قسوة وصلابة، أو أشدّ قسوة منها، بل إن من الحجارة لألين من قلوبكم، فينبع من بعضها ماء الأنهار، وبعضها يتصدع، فتخرج منه العيون الصغيرة، وبعضها يهوي من خوف الله كسقوط الجبل أمام موسى، وقلوبكم لا تلين، والله حافظ لأعمالكم ومجازيكم عليها يوم القيامة.

75 ـ أتطمعون أيها المؤمنون أن يصدق اليهود برسالة نبيكم محمد ؟ وقد كان بعض أحبارهم يقرؤون كلام الله في التوراة، ثم يحرفونه بالزيادة أو النقص أو تبديل شيء بغيره، لتحريم الحلال، وتحليل الحرام بحسب أهوائهم، كتحريفهم صفة رسول الله  بجعله طويلاً أسمر بدلاً من «متوسط الطول أبيض» وإسقاط الحدود عن أشرافهم، يحرّفونه من بعد ما فهموه بعقولهم، وهم يعلمون أنهم مبطلون كاذبون. ونزلت هذه الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمد ، كما ذكر الواحدي.

الصفحات