أنت هنا

قراءة كتاب التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

كتاب " التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

76 ـ وإذا لقي منافقو اليهود الذين آمنوا، قالوا: آمنا بأن محمداً رسول الله، وإذا اخْتَلَوْا مع بعضهم، قالوا لبعضهم الذي أفشى للمسلمين ما في التوراة من صفات رسول الله  وكل ما يدل على صدقه، وأخبر بما عُذِّب به آباؤهم: كيف تحدثون أتباع محمد بما علَّمكم الله في كتابكم، وبما أنزل الله عليكم في التوراة وبدلالات صدقه، فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟ أفلا تدركون أن ما تخبرون به هو حجة عليكم؟! قال ابن عباس: كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا أن صاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة.

77 ـ أوَ لا يعلم هؤلاء اليهود أن الله يعلم ما يخفون من الكفر والتكذيب، وما يظهرون من النفاق، فسواء أعلنتم أم أسررتم، فإن الله سيجازيكم على أعمالكم.

78 ـ ومن اليهود أمّيون لا يقرؤون ولا يكتبون، لا يعرفون من التوراة إلا أمنيات وأكاذيب تلقوها عن أحبارهم، وما هم في هذه الادعاءات والأكاذيب إلا أصحاب ظنون موهومة، لا حقيقة لها ولا علم لهم بها.

79 ـ هلاك ودمار وعذاب للذين يحرّفون التوراة بأيديهم الأثيمة، فهم يعلمون أنه من عند أنفسهم، وهم يزعمون في المحافل أنه من عند الله، ويوهمون أنه من التوراة، ليقبضوا قيمة التحريف شيئاً خسيساً من الدنيا، فعذاب لهم على التحريف والتزوير، وعذاب لهم على الأموال المكتسبة ثمن التحريف لكلام الله. نزلت الآية كما قال العباس في أحبار اليهود الذين غيروا صفة النبي  وبدلوا نعته.

80 ـ وقالت اليهود: لن تصيبنا النار إلا أياماً قليلة أربعين يوماً مدة عبادة آبائهم العجل، قل لهم أيها النبي: هل أخذتم من الله وعداً ألا يعذبكم إلا هذه المدة، وحينئذ لا يخلف الله وعده؟ بل في الواقع تفترون على الله الكذب. روى الطبري عن ابن عباس: أن اليهود قالوا: لن ندخل النار إلا تحلة القسم، الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين ليلة، فإذا انقضت، انقطع عنا العذاب، فنزلت الآية.

81 ـ ليس الأمر كما زعمتم أيها اليهود، بل سيدخل النار كل من كفر بالله وكذب رسله، وكل من أشرك وارتكب خطيئة ولم يتب منها، وأحاطت به سيئته ومات على كفره، فهم أهل النار، ماكثون فيها إلى الأبد.

82 ـ والذين آمنوا بالله وصدقوا برسالة رسوله، وعملوا الأعمال الصالحة التي أمر الله بها، هم أهل الجنة، مقيمون فيها على الدوام.

83 ـ واذكر أيها الرسول مضمون الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل: وهو إفراد الله بالعبادة، والإحسان إلى الوالدين بالمعاشرة بالمعروف والتواضع لهما وامتثال أمرهما، والإحسان إلى القرابة بصلة الرحم وأداء الحقوق، والإحسان إلى الأيتام الذين فقدوا آباءهم في الصغر قبل البلوغ، وإلى المساكين الذين ليس لديهم ما ينفقون على حوائجهم، والقول الحسن للناس بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، وإقامة الصلاة في أوقاتها، وإيتاء الزكاة للمستحقين، ثم أعرضتم أيها اليهود عن هذا الميثاق، فلم تعملوا به إلا العدد القليل منكم كعبد الله بن سلام وأصحابه الذين نفذوا الميثاق، وأنتم معرضون عن تنفيذه كفراً وعناداً.

84 ـ واذكروا يا معشر اليهود حين أخذنا العهد المؤكد عليكم في كتابكم التوراة ألا يقتل بعضكم بعضاً، وألا يخرجه أو يطرده من داره كرهاً أو ظلماً، ثم اعترفتم وقبلتم بالميثاق المأخوذ عليكم، وأنتم تشهدون على أنفسكم بذلك، وتقرون بهذا العهد، وتعلمون أنه عهد الله في التوراة.

85 ـ ثم أنتم هؤلاء المشاهدون الحاضرون في عهد النبي  تخالفون ما أخذه الله عليكم في التوراة، فيقتل بعضكم بعضاً، وتعينون المشركين على أبناء دينكم، بتعريضهم للقتل وطردهم من منازلهم، بلا سبب يحل به ذلك، وإنما بالمعصية والظلم، وإن أسر الأعداء أحداً منكم، وجاءكم يطلب الفداء لنفسه، أنقذتموه من الأسر بدفع الفدية، إيماناً بما في التوراة، أي لا تنفِّذون من تعاليم التوراة إلا فداء الأسرى فقط، علماً بأنه محرَّم عليكم إخراجهم من ديارهم، وهذا توبيخ على تناقضهم؛ لأن الأسر نتيجة الإخراج من الديار، فكيف تفعلون الشيء وتبطلون نتيجته؟! وكيف تصدقون ببعض التوراة الذي يوجب المفاداة، وتكفرون ببعضه الآخر الذي يحرِّم القتل والإخراج؟! وذلك بسبب تحالف بني قينقاع مع الخزرج، والنضير وقريظة مع الأوس، وإعانة كل فريق حلفاءه على إخوانه. فالجزاء على هذا التناقض خزي وذل في الدنيا، وأشد العذاب في الآخرة بسبب التلاعب بآيات الله، والله مطلع على أعمالكم ومجازيكم عليها.

86 ـ أولئك اليهود الذين استحبوا قليل الدنيا على كثير الآخرة، وباعوا نعيم الآخرة الدائم بمتاع الدنيا الزائل، فلا يخفف عنهم عذاب القيامة، ولا ينصرهم أحد فيمنع عنهم العذاب.

87 ـ ولقد آتينا موسى التوراة، وأتبعناه ببعثة أنبياء بني إسرائيل من بعده، وآتينا عيسى ابن مريم المعجزات الدالة على صدقه في آية (49) من سورة آل عمران (3) وهي إحياء الموتى وخلق الطير بإذن الله، وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، والإخبار بالمغيبات، وإنزال المائدة من السماء، وإنزال الإنجيل عليه، وقويناه بروح القدس أي الطاهر وهو جبريل، أفكلما جاءكم أيها اليهود رسول بغير ما يوافق ويلائم أنفسكم، استكبرتم عن إجابته، احتقاراً للرسل، فريقاً كذبتم كعيسى ومحمد، وفريقاً قتلتم كزكريا ويحيى؟!

88 ـ وقال اليهود للنبي  لما دعاهم للإسلام: قلوبنا مغلقة ومغطاة بأغطية تمنعها من الاستجابة لدعوتك، وهذا دليل على أن الكفر عناد ومكابرة، لذا أبعدهم الله من رحمته بسبب كفرهم وعدم مبادرتهم إلى الإيمان، فلا يؤمنون إلا قليلاً، وهو الإيمان ببعض الكتاب، ولا يؤمن منهم إلا قليل.

89 ـ ولما جاءَ اليهودَ القرآنُ، مؤيداً لما معهم من التوراة والإنجيل، وكانوا قبل مجيئه يطلبون من الله النصر على أعدائهم بالنبي المبعوث آخر الزمان، الموصوف عندهم في التوراة، فلما جاءهم الرسول الذي عرفوا وصفه، كفروا به حسداً؛ لأنه ليس منهم، فاللعنة على الكافرين، أي الطرد من رحمة الله. وسبب النزول: ما أخرج ابن

إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله  قبل مبعثه،

فلما بعثه الله من العرب، كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فنزلت الآية.

90 ـ بئس الشيء الذي باعوا به أنفسهم، فأوبقوا أنفسهم في نار جهنم، بسبب الكفر بما أنزل الله على رسوله من القرآن حسداً ومنافسة، على أن ينزل الله وحياً على نبي من غير بني إسرائيل؛ لأن محمداً  كان من العرب، وليس منهم، فرجع اليهود بسخط عليهم من الله لكفرهم برسالة محمد، على سخط سابق لتحريفهم أحكام التوراة وكفرهم بعيسى، وللكفار عذاب ذو إهانة.

الصفحات