أنت هنا

قراءة كتاب التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم

كتاب " التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

91 ـ وإذا قيل لليهود: صَدِّقوا بالقرآن، قالوا: نصدِّق بالتوراة المنزلة علينا، ويكفرون بما سواه من الكتب الأخرى، فوراءه أي غيره، والقرآن حق مؤيد للتوراة؛ لأن كتب الله يؤيد بعضها بعضاً، قل لهم أيها النبي: إن كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم، فكيف تقتلون أنبياء الله الذين حرم الله عليكم قتلهم؟ والخطاب وإن كان للحاضرين زمن النبي  فالمراد به أسلافهم، وصحّ خطابهم لرضاهم بما فعل أسلافهم، فكانوا مثلهم.

92 ـ ولقد جاءكم موسى بالمعجزات الدالة على صدقه، كفَرْق البحر وتظليل الغمام، وهي الآيات التسع [الإسراء 17/101] ثم عبدتم العجل الذي صنعه السامري، واتخذتموه إلهاً من بعد مجيء موسى بالبينات، وأنتم كافرون لعبادتكم ما لا يستحق العبادة.

93 ـ واذكروا أيها اليهود حين أخذنا عليكم العهد المؤكد على العمل بالتوراة، ورفعنا فوقكم جبل الطور (في الآية السابقة 63) وقلنا لكم: اعملوا بالتوراة بجدّ واجتهاد، وأطيعوا واقبلوا ما تؤمرون به، فقلتم: سمعنا قولك وعصينا أمرك، أي لا نقبل أمرك، وتمكّن في قلوبكم أو امتزج حب عبادة العجل بسبب كفركم، قل لهم أيها الرسول: بئسما يأمركم به إيمانكم الذي زعمتم، إن كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم، وتكفرون بما وراءه.

94 ـ قل لهم أيها النبي: إن كانت لكم الجنة، خاصة بكم، من دون جميع الناس كما زعمتم، فتمنوا الموت لتفوزوا بالجنة؛ لأن من كان موقناً أنه من أهل الجنة، كان الموت أحب إليه من الحياة، إن كنتم صادقين في زعمكم. وسبب النزول: ما أخرج الطبري عن أبي العالية قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، فنزلت الآية.

95 ـ ولن يتمنى اليهود الموت، بسبب ما فعلوه من الذنوب والآثام، كالتحريف والتكذيب؛ فهم غير آمنين من العذاب، بل ولا طامعين في دخول الجنة، والله عليم بالكافرين ومجازيهم.

96 ـ ولتجدن اليهود يا محمد أشد الناس حرصاً على حياة الدنيا، وأحرص من الذين أشركوا الذين لا يؤمنون بالبعث ولا بالآخرة والجزاء، يتمنى اليهودي، لو يطول عمره ألف سنة، وما التعمير بمزحزحه أو مبعده من عذاب الله، فمهما عاش، فلا بدّ له من الموت، والله بصير بعملهم في الدنيا، وسيجازيهم في الآخرة.

97 ـ قل أيها الرسول لليهود الذين عادَوْا جبريل لنزوله بالعذاب وإخبارهم بتخريب بيت المقدس على يد بختنصر أو غيره: من كان عدواً لجبريل، فإن جبريل نزَّل القرآن على قلبك بأمر الله، لا بأمر نفسه، موافقاً للكتب السماوية السابقة كالتوراة والإنجيل، وهدىً للناس من الضلال، وبشرى للمؤمنين بحسن العاقبة. قال الطبري: أجمع أهل العلم بالتأويل جميعاً أن هذه الآية نزلت جواباً لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدو لهم، وأن ميكائيل ولي لهم.

98 ـ من كان عدواً لله وملائكته، وجبريل وميكائيل، فقد كفر، والله عدو للكافرين، فمن عادى أولياء الله، فقد عادى الله تعالى، والله يعاديه ويؤاخذه. وخصّ جبريل وميكائيل بالذكر؛ لأنهما أشرف من بقية الملائكة.

99 ـ ولقد أنزلنا إليك أيها النبي علامات واضحات على نبوتك، ولشدة وضوحها لا يكفر بها إلا الفسقة الخارجون عن أمر الله. أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن عبد الله بن صوريا قال للنبي : يا محمد، ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة، فنزلت هذه الآية.

100 ـ أوَ كلما أعطى اليهود عهداً مؤكداً على العمل بالتوراة، طرحه ونقضه فريق (طائفة) منهم، بل أكثر هؤلاء اليهود لا يؤمنون بالله ورسله، فكيف يحترمون عهوده؟! وسبب النزول: أن مالك بن الصيف بعد البعثة النبوية قال: والله ما عهد إلينا في محمد، ولا أخذ علينا ميثاقاً، فنزلت الآية.

101 ـ ولما جاء اليهود رسول من عند الله هو محمد  تتفق أوصافه بما جاء في كتبهم، موافق للتوراة، طرح ورفض فريق منهم وهم أحبار اليهود التوراة، ولم يعملوا بما جاء فيها، كأنهم لا يعلمون شيئاً من التوراة، فعملوا عمل من لا يعلم.

102 ـ واتبع اليهود ما تروي وتتقول شياطين أو خبثاء الإنس المشعوذون السحرة على عهد ملك سليمان، ظانين أنه ما سخر الريح والجن إلا بالسحر، وأنه كان يستجيزه، ولم يكفر سليمان بفعل السحر وتعلمه ولم يكن ساحراً؛ لأن السحر كفر، ولكن الشياطين المذكورين هم الذين كفروا بتعليم الناس السحر وفعله، بقصد إغوائهم وإضلالهم، ويعلّمونهم أيضاً ما أنزل على الملكَين: هاروت وماروت الموجودَيْن ببابل: بلد بالعراق، وكان هذان الملكان يعلّمان الناس السحر ليجتنبوه، وكانا في الأصل من الملائكة، وأهبطا إلى الأرض بطلبهما. وما يعلِّمان أحداً إلا قالا له: لا تفعلوا كذا ولا تكفروا، ونحن فتنة، أي ابتلاء واختبار من الله لعباده، ويتعلم الناس منهما ما يسبب التفريق بين الزوجين بزرع الكراهية والبغضاء بينهما، وللسحر حقيقة ثابتة عند الجمهور غير المعتزلة وأبي حنيفة، وله تأثير في القلوب في هذا المجال، ولكنه لا يضر إلا بما ىأذن الله به، ويتعلم الناس السحر الذي يضر في الدين، ولا ينفع في الدنيا، لأنه ضرر محض، ولقد علم اليهود أن من اختار السحر بدلاً عن كتاب الله، ليس له نصيب من الجنة، ولبئس ما باعوا به أنفسهم بالسحر عوضاً عن دينهم، وتركهم العمل بما علموا، لو علموا ما ينتظرهم من العذاب.

وسبب النزول: ما أخرجه محمد بن إسحاق والطبري وغيرهما: قال بعض أحبار اليهود: ألا تعجبون من محمد، يزعم أن سليمان كان نبياً؟ والله ما كان إلا ساحراً، فنزلت الآية.

103 ـ ولو أن متعلمي السحر آمنوا بالله ورسوله، واتقوا الله، فعملوا بأوامره، واجتنبوا نواهيه، وما وقعوا فيه من السحر والكفر، لكان لهم ثواب هو خير لهم من السحر ومكاسبه، ولو علموا ذلك لما أخذوا بالسحر، ولا تركوا الإيمان والتقوى.

104 ـ أيها المؤمنون، لا تقولوا: {رَاعِنَا} من المراعاة والاهتمام؛ لأن هذه كلمة سب قبيح عند اليهود، من الرعونة، وقولوا: {انْظُرْنَا} أي انظر إلينا وأقبل علينا لنفهم قولك، واسمعوا سماع قبول وطاعة للشرع والرسول. وللكفار الذين يؤذون الرسول عذاب مؤلم يوم القيامة. وسبب النزول: ما ذكره ابن عباس: أن اليهود استعملوا كلمة «راعنا» لسب النبي ، ففطن لذلك سعد بن معاذ، فهدد القائل بالقتل، فقالوا: ألستم تقولونها؟ فنزلت الآية.

105 ـ ما يتمنى كفار أهل الكتاب من اليهود وعبدة الأوثان، لشدة عداوتهم وبغضهم المسلمين أن ينزل أي خير من الوحي أو غيره على المؤمنين، ومنه القرآن، والله يختص بالنبوة والهداية من يشاء من العباد، والله صاحب الفضل العظيم الذي لا يتناهى. وسبب النزول: أن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود: آمنوا بمحمد  قالوا: هذا الذي تدعوننا إليه، ليس بخير مما نحن عليه، ولوددنا لو كان خيراً، فأنزل الله تعالى تكذيباً لهم.

الصفحات