أنت هنا

قراءة كتاب علم البديع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم البديع

علم البديع

كتاب " علم البديع " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

ولكن البديع - على ما أصابه من تكلف وتزيد - فن أصيل من فنون البلاغة كما ذكرنا، على أن يستعمل بفنية، وعلى حسب ما يقتضيه السياق، ويقود إليه المقام، وأن يُجْتَنَب فيه ما حذر منه عبد القاهر الجرجاني عندما قال: «قد تجد في كلام المتأخرين الآن كلاماً حمل صاحبه فرطُ شغفه بأمور ترجع إلى ما له اسم البديع، إلى أن ينسى أنه يتكلّم ليفهم، ويقول ليبين، ويخيل إليه أنه إذا جمع بين أقسام البديع في بيت فلا ضير أن يقع ما عناه في عمياء، وأن يوقع السامع من طلبه في خبط عشواء. وربما طمس بكثرة ما يتكلفه على المعنى وأفسده، كمن ثقل العروسَ بأنواع الحلي حتى ينالها من ذلك مكروه في نفسها.

فإذا أردت أن تعرف مثالاً فيما ذكرت لك من أن العارفين بجواهر الكلام لا يعرجون على هذا الفن إلا بعد الثقة بسلامة المعنى وصحته، وإلا حيث يأمنون جناية منه عليه...[6].

إن حاجة المعنى إذن، والوفاء بمتطلباته، هما اللذان يجعلان ألوان البديع - بل ألوان البلاغة كلها - في موطن الحسن والقبول.

يقول عبد القاهر مبيناً معيار قبول البديع: «على الجملة فإنك لا تجد تجنيساً مقبولاً، ولا سجعاً حسناً، حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وساق نحوه، ومتى تجده لا تبتغي به بدلاً، ولا تجد عنه حولاً. ومن هنا كان أحلى تجنيس تسمعه وأعلاه، وأحقه بالحسن وأولاه، ما وقع من غير قصد من المتكلم إلى اجتلابه، وتأهب لطلبه، أو هو - وإن كان مطلوباً - بهذه المنزلة، وفي هذه الصورة.

وذلك كما يمثلون أبداً من قول الشافعي - رحمه الله - وقد سئل عن النبيذ، فقال: «أجمع أهل الحرمين على تحريمه».

ومما تجده كذلك قولُ البحتري:

يَعْشَى عن المجد الغبيُّ ولن ترى

في سؤدد أرباً لغير أريبِ

وقوله:

فقد أصبحتَ أغلبَ تغلبياً

على أيدي العشيرة والقلوب

الصفحات