أنت هنا

قراءة كتاب علم البديع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم البديع

علم البديع

كتاب " علم البديع " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

2- المقابلة

من أنواع الطباق المقابلة، وتكون بين معنى تركيب وما يقابله، فهي لا تقع بين ألفاظ متضادة على نحو ما هو في الطباق، بل تقع بين المعاني، فهي إذن أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر، ثم بما يقابلها على الترتيب، كقوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 9/82] .

أتى بتركيب مكون من معنيين «الضحك القليل» فقابله بتركيب آخر مكون من نقيض للمعنيين السابقين، وهو «البكاء الكثير» إذ «البكاء» عكس «الضحك» و«الكثير» عكس «القليل».

ومثله في مقابلة معنيين بمعنيين قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطِّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 7/157] .

قابل معنيي «إحلال الطيبات» بمعنييْ «تحريم الخبائث».

وقد يقابل ثلاثة معانٍ بثلاثة معان ، كقول أبي دلامة:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا

وأقبح الكفرَ والإفلاسَ بالرجل

قابل «أحسن» بـ«أقبح» و«الدين» بـ«الكفر» و«الدنيا» بـ«الإفلاس».

وقد يقابل أربعة معان بأربعة معان، كما في قوله تعالى: {فَأَمّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (*) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (*) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (*) وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (*) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (*) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 92/5-10] .

قابل بين «أعطى» و«بخل» و«اتقى» و«استغنى» لأن المراد باستغنى أنه زهد بما عند الله، كأنه مستغن عنه، فلم يتق، أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة فلم يتق. وقابل «صدق» و«كذب» وبين «اليسرى» و«العسرى».

فمن الواضح إذن أن المقابلة طباق يتعدد، ولكنه يكون بين تركيب يتكون من عدة معان، وتركيب آخر فيه معانٍ تقابل ما في التركيب الأول. وهي عندئذٍ أسلوب جميل لإبراز التفاوت والتمايز بين المعاني.

ولابدّ في المقابلة - كما في فنون البديع جميعاً - أن تكون عفوية خالية من التكلف، تساق لخدمة المعنى، وزيادته إيضاحاً وجلاء، أي أن يكون هو الذي يستدعيها، وليس العكس.

الصفحات