أنت هنا

قراءة كتاب بشرة سمراء أقنعة بيضاء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بشرة سمراء أقنعة بيضاء

بشرة سمراء أقنعة بيضاء

كتاب " بشرة سمراء أقنعة بيضاء " ، تأليف حميد دبشي ، ترجمة

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

في أكثر الامم افتخارا في العالم القديم تنشر الأعمال التي تصور بصدق التشتت المعاصر, لكن القوة المسيطرة في الولايات المتحدة لا تفهم انها مماثلة لهم إن أي تشبيه بهم يؤذيها وأقل تلميح عن هذه الحقيقة يحولها الى مفترس فعلى الجميع مدح كل شيء فيها من أصغر جملة تحكيها وصولا الى فضائلها العظيمة. لا يستطيع أي كاتب مهما كان شهيرا أن يحيد عن واجبه في الإشادة بمواطنيه لأن الجميع يعيشون بحالة مستمرة من الاعجاب بالذات. ولا مجال للفت النظر أو معرفة أمريكا الحقيقة إلا من خلال تجربة ما أو عن طريق الأجانب.

القوة التي تسيطر في الولايات المتحدة مازالت تعمل بنفس الطريقة ولا تقبل أي اقتراح لتحمل أي مسؤولية عن الجرائم التي ارتكبتها حول العالم. وفي صميم المجتمع الممنهج تكمن قضية المهمة الأخلاقية والمقدسة التي تخولها السيطرة على العالم.

يوجود في هذا التصور مسيحية عميقة تدفع امريكا للعمل بجد للتدخل والسيطرة على العالم بل وإنقاذه من نفسه. ولا تتفهم أمريكا العالم غير الممتن لهذا التدخل. والنتيجة ما هو أبعد من الرغبة بالسيطرة أو فرض فكرة تفوق الثقافة الامبريالية على الثقافات المتنوعة الاخرى للأمم الاصيلة سواء كان من سكان امريكا الاصليين وصولا للعراقيين. بل يوجد هناك حزن تراجيدي في الامبريالية الأمريكية كما قدمه أيثان إدوارد في شخصية جون وين في فلم الباحثون لجون فورد عام 1956 حيث عرض في آخر لقطة بالفلم: إيرهان يحرر ابنة أخيه دبيي (ناتالي وود) من الأسر من يد سكان أمريكا الاصليين وتدخل مع بقية الأسرة الى الداخل ويبقى إيرهان واقفا بمفرده. وبعد برهة يعود سائرا باتجاه الصحراء الخالية.

هناك شيء ما داخل الامبريالية الأمريكية يريد إنقاذ العالم من أيدي سكانه الأصليين البرابرة لتجعل العالم آمنا بإنسانيته الفانية وخلود فكرة أمريكا. كل ابطال أمريكا الخارقين من الرجل العنكبوت والرجل الخفاش هم مخلوقات وحيدة مؤمنة بأن القوة الخارقة مترافقة مع المسؤولية الكبيرة التي تمنعهم من الزواج وبناء عائلة. الإمبريالية الامريكية لا تنكر تاريخ وثقافة السكان الأصليين من أصحاب الحضارات ولكن من الأفضل لهم (وهذا ليس من شأنه قلة الاحترام) أن ينظروا الى ضوء النهار ويفعلوا كما يفعل الأمريكان. إلا أن الأمريكان أنفسهم وصلوا الى شبه اجماع عن ما هو الذي هم يفعلوه؟ لقد جعلت تسريبات وول ستريت الجميع يتراكضون للعمل بمبدأ البقاء للأفضل. وأخشى ماأخشاه ان في عمق الامبريالية الامريكية تكمن العنصرية (بالرغم من انتهاء التفرقة العنصرية في امريكا) إلا انه ليسوا القوقازيين أو المسيحيين من يريدون إنقاذ العالم. إنه مفهوم لاشكل له بعقول الأمريكان بأنك إذا كنت امريكيا فعليك إنقاذ العامل حتى ولو اقتضى ذلك تدميره.

الصفحات