أنت هنا

قراءة كتاب بائع التماثيل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بائع التماثيل

بائع التماثيل

كتاب "بائع التماثيل" للكاتب والفنان التشكيلي السوري فاتح المدرس، يحوي مجموعة قصص، نقرأ من قصة "بائع التماثيل" التي حمل الكتاب عنوانها: ""كور تسفاتس بوكريا أخشيكمه" بهذا كان ينادي لبيع تماثيله الملونة الصغيرة؛ فالبارون أرتين عجوز أرمني فقد كل شيء خلال هجرته

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
ولم تكن "عالو" وحدها على النهر, فلقد سبقتها جماعة من النساء يغسلن ويغتسلن حول قدر يتصاعد من جوانبه الدخان فنادتها إحداهن تصرخ: "هل على النهر رجال يا بنية؟" إلا أن "عالو" اختفت وراء شجرة صفصاف, ولم تجب, وتعالى هدير النهر حتى أصبح كهدير طاحون "دير شكين" في مسامعها, وكلما تقدمت خطوة نحو الضفة ازدادت رطوبة التربة, ولانت تحت قدميها, وتغلغل العشب القصير الحاد بين فرجات أصابع قدميها, ولم تنس النعنع فراحت تبحث عنه بعينيها الدامعتين فنادتها امرأة أخرى: (عالو" عودي أيتها العمياء إلى أمك, وأردفت أخرى إذ تمشط شعرها ضاحكة: "ستتزوج أمك من جاويش إذا لم تمت".
 
ثم هرولت نحوها امرأة مجدورة منكوشة الشعر متهدلة الثديين تقفز فوق الشوك وأمسكت بكتف البنت وهزتها صارخة. "لما جئت إلى هنا أيتها الشيطانة الصغيرة؟ ألا تدرين أن الكولة عميقة؟ هل تودين أن تلحقي بأبيك مسلم؟.."
 
أرعب الصغيرة هذا القول وسرها في آن واحد, وتراجعت أمام المرأة المنكوشة الشعر, ووقفت مطرقة, وقد جمدت معالم وجهها, فتركتها المرأة, وعادت تنظف مشطها, وتلغط بكلام كثير, وصاحت بها امرأة أخرى تنشر غسيلها على الشوك:
 
ـ عالو, يا بنيتي عم تفتشين؟ ستقتلك الشمس إذا وقفتِ في عينها..
 
فقالت عالو بصوت خفيض:
 
ـ أريد نعنعاً, عود نعناع لأمي, هي مريضة.
 
وحسبت الصغيرة أنهن قد سمعنها وسيتركنها وشأنها, إلا أن هدير النهر كان أقوى من أن يوصل غمغمتها إلى سمع أحد, ولم تلبث النسوة أن تركنها وشأنها.

الصفحات