أنت هنا

قراءة كتاب بائع التماثيل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بائع التماثيل

بائع التماثيل

كتاب "بائع التماثيل" للكاتب والفنان التشكيلي السوري فاتح المدرس، يحوي مجموعة قصص، نقرأ من قصة "بائع التماثيل" التي حمل الكتاب عنوانها: ""كور تسفاتس بوكريا أخشيكمه" بهذا كان ينادي لبيع تماثيله الملونة الصغيرة؛ فالبارون أرتين عجوز أرمني فقد كل شيء خلال هجرته

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
فاقتربت عالو من ضفة النهر, ومن فرجة بين القصب رأت على الضفة الشرقية جماعة من الصبيان يلعبون في الماء, وكم ودت لو أنها شربت وعبت ماء, ثم سبحت وسبحت إلى آخر الزمان, وألهتها ضفدعة خضراء صغيرة جاثمة على شريط قصب, فمدت عالو يدها فقفزت الضفدعة وسقطت في الماء تاركة وراءها حلقات حلقات.. وودت لو كان معها عود ملتهب تأخذه من تحت القدر, فتدخله في الماء, إثر هذه الضفدعة المتوحشة التي أبت صداقتها, إذن لكان للعود "جزيز" في الماء وأنها تحب صوت جزيز العود الملتهب إذا ينطفئ هكذا "جز.. جز".
 
وسقطت أبصارها على حزمة مزهرة من عيدان النعنع قائمة على الضفة, فنسيت عطشها, كما نسيت أمنيتها في أن تسبح, فتقدمت بحذر نحو العيدان المزهرة تجس مواطئ قدميها, وقالت تحدث نفسها:
 
ـ إن السمك وراء هذه العيدان كبير.. وأدركت أن الماء عميق هنا, وأنه بدأ يطل عليها بعيون خبيثة, وبدت الفجوة التي تفصلها عن حزمة نبات النعنع كأنها بلاطة ملساء, فاقتربت محاذرة تدوس العشب الندي خطوة خطوة خطوة, واختفت عالو تماماً بين عيدان القصب والصفصاف, فكثرت الضفادع الخضراء حولها, ترمقها بعيون صفراء كبيرة مستطيلة, كل ضفدعة بحجم الفولة مقشورة وملساء, وأمسكت بضفدعة صغيرة جداً, وقبلتها بحنان, وراحت تغني لها هامسة: "ورافيره يور قشكه.. وينا فيره حيرانم" وتصورت الأمهات يحملن أطفالاً عراة على أيديهن, شعرهم مثل القش,وأنهن حائرات بحبّ أولادهن, كهذه الضفدعة, وأن أفواه الضفادع عريضة كأفواه الأطفال إذ يصرخون طالبين أمهاتهم, وأمهاتهم في الحصاد, ونقت الضفدعة على كفها كأنها ترد "تعالي لي..." وصمتت الضفدعة لعلها لم تحسن ترجمة الأغنية لصعوبتها. وكان نقيق الضفدعة أول تحية من هذا العالم إلى عالو, عالو البنت الصغيرة من ضيعة صولاق داكرمان التي يحكمها الآغا الشرير "حموكيا" والذي لا يعطي البنات اليتيمات دواء لأمهاتهن المريضات, وأرادت عالو أن ترد تحية الضفدعة بأحسن منها فأسلمتها إلى شريط عريض من القصب, فاستكانت عليه الضفدعة آمنة مطمئنة, فقالت عالو هامة: "أزتا حزدكم" (أنا أحبك) فتململت الضفدعة من طول زيارة عالو, وقفزت إلى الماء قفزة رائعة, فقالت لها الصغيرة:

الصفحات